تقف مبادرة طريق مكة في صدارة المبادرات الجديدة التي أطلقتها القيادة الرشيدة أخيرا، وتهدف إلى الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن وتيسير أدائهم فريضة الحج، كما تعد إحدى أهم مبادرات برنامج: «خدمة ضيوف الرحمن»، بوصفه أحد برامج رؤية المملكة 2030. وفي الوقت نفسه يؤكِّد التدرّج في تطبيقها والتوسع في تنفيذها عاماً بعد آخر، نجاح هذه التجربة، التي انطلقت وبدأ تطبيقها تجريبياً خلال موسم حج عام (1438ه)، بخطط طموحة وعلى أعداد محددة من حجاج «ماليزيا»، ليشهد موسم حج العام المنصرم (1439ه)، استفادة (112.000) حاج من دولة ماليزيا وجمهورية إندونيسيا منها، وليستفيد من هذه المبادرة في موسم حج هذا العام (1440ه)، نحو (225.000) حاج وحاجّة من (5) دول انضمت إلى هذه المبادرة أخيرا، وهي كل من: (تونس، الباكستان، بنغلاديش، إندونيسيا وماليزيا)، لتحقق «المبادرة» خلال إطلاقها والتوسع فيها في موسم هذا العام معدلات أداء مرتفعة، وليعد هذا الإنجاز، تتويجاً لجهود المملكة لتسهيل دخول حجاج بيت الله الحرام، وتقليص فترة بقائهم في مرحلة القدوم. وتهدف المبادرة للتيسير على الحجاج بإنهاء إجراءاتهم في مطارات القدوم في بلدانهم، عبر مسارات إلكترونية موحدة ومخصصة اختصاراً للوقت والجهد. وآلية عملها تشمل إصدار التأشيرات وإنهاء إجراءات الجوازات والجمارك، والتحقق من توافر الاشتراطات الصحية، وترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن بالمملكة، الأمر الذي مكّن الحجاج المستفيدين من تجاوز تلك الإجراءات عند وصولهم إلى أراضي المملكة، وأتاح لهم فرصة الانتقال مباشرة إلى الحافلات لتقلهم إلى أماكن إقامتهم بمكة المكرّمة والمدينة المنوّرة، ولتتولى الجهات الخدمية تسلُّم أمتعة الحجاج المستفيدين من المبادرة، وتسليمها لهم في أماكن إقامتهم، بكل سهولة وسلاسة وإتقان. كما تجسد -عملياً- مدى التعاون والتنسيق والتناغم بين جميع الوزارات والجهات والقطاعات العاملة في منظومة الحج وذات العلاقة به، إذ يتم تنفيذها وتطبيقها بدعم وزارة الداخلية وريادتها -ممثلة في المديرية العامة للجوازات-، وبالتعاون مع ومشاركة نحو (11) وزارة وجهة حكومية وأهلية مختصّة، في مقدمتها وزارة الحج والعمرة، ووزارتا الخارجية والصحة، والهيئة العامة للطيران المدني، ومركز المعلومات الوطني، وهيئة الجمارك، وغيرها، حيث تقوم بعض الجهات ذات الاختصاص المشاركة في هذه «المبادرة» -ومنها المديرية العامة للجوازات-، بإنهاء إجراءات وصول الحجاج المشمولين بالمبادرة إلى السعودية، في بلدانهم وفي المطارات التي يغادرون منها، حيث تباشر فرق متعددة من هذه الجهات -بكامل طاقاتها البشرية وتجهيزاتها التقنية والفنية-، مهامها في مطارات الدول المنظمة للمبادرة في موسم الحج، وتقوم باستقبال حجاج بيت الله الحرام المتجهين إلى السعودية، وفحص وثائق سفرهم، والقيام بالإجراءات الجمركية والصحية اللازمة، وتسجيل جميع البيانات بأنظمة الحاسب الآلي قبل صعودهم الطائرات، للإسهام في توجههم فور وصولهم مطارات المملكة إلى مواقع إقامتهم ومقرات سكنهم بشكل فوري ومباشر ودون المرور بهذه الإجراءات، حيث جرى إعداد صالات مخصّصة لقدوم هؤلاء الركاب من حجاج البيت العتيق في كل من مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة، وإعداد برامج ترحيبية ومنصات ترحيب خاصة بهم. وممّا يبعث السرور في النفس ويثلج الصدر، أن مبادرة (طريق مكة)، تحظى بدعم القيادة الرشيدة واهتمامها، وهي التي -أيدها الله- دائماً ما توجّه بضرورة ابتكار الخدمات المميزة، ويشكل -في رأيي- أكبر ضامن لاستمرارية هذه «المبادرة» وتطبيقها على بقية الدول التي يفد منها حجاج البيت العتيق، مع إمكانية تطبيقها على المعتمرين أيضاً، بعد أن أثبتت نجاحاتها وحظيت بإشادة الحجاج المستفيدين منها، ولمس الجميع آثارها الإيجابية، ووجدت كل ترحيب من مسؤولي الدول التي انطلقت منها. * الأستاذ والاستشاري بكلية طب الأسنان بجامعة أم القرى.