حتى لحظة كتابة هذه الأسطر، لم تهدأ عاصفة الطلاق الدائرية، التي تشكلت فوق محيط مجتمعنا، والتي تجاوزت سرعة الرياح فيها 6 حالات بالساعة، و144 حالة باليوم، بمقياس آخر إحصائية، هذه الدوامة الشديدة التي زحفت بأمواجها العاتية إلى الشواطئ لتقتلع المودة والرحمة بين الأزواج، وتشتت الأسر وتهدم المنازل العتيقة والحديثة، وتشرد الأطفال الضعفاء بعيدا نحو المستقبل المجهول، وتغرق المجتمع في وحل من المشاكل والأزمات المتراكمة!! لا بد من فرض حالة الطوارئ لمواجهة (طوفان الطلاق) الذي اجتاح مجتمعنا وخلف آلاف الضحايا، قبل أن يتساوى بنيان مجتمعنا المسلم بالأرض من قوة حالات الطلاق الهائجة والمزلزلة!! بحق، ما هذا الذي يحدث؟! حتى أصبحت كل أخبارنا ونقاشاتنا بالمجالس الخاصة تدور حول حالات الطلاق التي تمت مؤخرا، لدرجة أننا بتنا نسمع عن أزواج طلقوا كانوا واجهة للأخلاق والمثالية، هل هو غياب الدور الصارم لأهل الزوجة حين كانوا يثقلون عليها الأشغال ويسيئون معاملتها ليجبروها على العودة والحفاظ على بيتها وأولادها، مقابل فتح الباب على مصراعيه أمام المرأة اليوم لتحصل على صك الطلاق والحضانة والنفقة والحرية الكاملة لمواكبة الفعاليات الترفيهية، حتى بات وصف (طالق) موضة تنشدها وتتباها بها أغلب النساء بمجتمعنا، لدرجة أنني بت أتوقع بأن تضع المرأة في القريب العاجل حرف (ط) الشرفي قبل اسمها!! من جهتي أرى أن تفشي الطلاق بهذا الشكل يعود لثلاثة أسباب؛ أولها: الحقوق التي حصلت عليها المرأة مؤخرا من قيادة وعمل وسرعة إنجاز بقضايا الأحوال الشخصية كانت لها ضريبة حين شعرت بالقوة وأستأسدت على الزوج، وثانيها: البطالة التي أرهقت الرجال وانعكست على قصورهم في أداء واجباتهم المنزلية، وثالثها: الزواج الجماعي الذي يقذف بعشرات الشباب في معترك الحياة الزوجية دون جهد أو خبرة في تحمل التكاليف، ما يجعلهم يستهينون بالزوجة ويرونها لا تتعدى قيمة (جوال) يسهل هجره واستبداله! بالسابق كانوا يقولون (كلمة طالق ما هي سهلة)، واليوم أصبحت زي العسل على قلوب المطلقات، ولا أستبعد أن نتلقى في قادم الأيام كرت دعوة لحضور حفلة دون على متنها عبارة (تتشرف لجنة الطلاق الجماعي بدعوتكم لحفل انفصال مجموعة من النساء عن أزواجهم، وبحضوركم تزداد حالات الفرقة والشقاق، ويعم طوفان الطلاق أرجاء البلاد)!!