في وقت تشهد فيه تركيا تراجعاً كبيراً في عدد السياح العرب وبالأخص السعوديين، جراء عمليات السرقة والنهب والتعامل العنصري تجاه السائحين العرب، إلا أن عددا من مشاهير (سناب شات) السعوديين تحولوا إلى أداة للترويج للسياحة في تركيا، وتحريض المواطنين في شراء الأراضي والشقق، متناسين التأثيرات السلبية لمثل هذه الرسائل المضللة التي تقود إلى عواقب وخيمة. وفيما ساد الاستغراب الأوساط كافة، ما بين مطالب بتجريم هؤلاء، ومطالب بتدخل رسمي لمحاسبتهم، أكد عدد ممن استطلعتهم «عكاظ» أنهم يعولون على وعي المواطن في عدم الانسياق وراء تلك الدعوات، لأنهم سيكونون الخاسر الأكبر، فيما صاحب الدعوة سيغمض عينيه ويصم أذنيه. ولم يتردد عضو مجلس الشورى السابق الدكتور مشعل العلي، في وصف مشاهير (السوشال ميديا) الذين يستغلون شهرتهم في مجالات تصب بمصلحة الخصوم سواءً دعمهم اقتصادياً أو غيرها، بأنهم يرتكبون جريمة واضحة المعالم. وقال «لم ولن نكون ضد سفر أي مواطن أو تقييد حريته، وهذا لا يعني أننا لا ننبهه من أن هناك دولا تسعى لأذيتنا وتقزيمنا وتمزيقنا»، مشيراً إلى أن الحزب الحاكم بتركيا معروف توجهاته فهي عدوة بامتياز للسعودية وكيف يغيظها أي تقدم لهذه الدولة المباركة». وبين أن الأمل في أن يقف المشاهير في صف بلادهم، ويعوا ما يتعرض له السائح السعودي في تركيا من حقد وسرقات واختطافات ونحوها ولايجد سعادة فيها وطمأنينة، وما يحدث من ترويج للسياحة هناك لا يتماشى مع ما يجب على الإنسان المخلص، لافتا إلى أنه على العكس من هذا فإن السعودية خطت خطوات كبيرة في مجال السياحة يجب إبرازها. أين الحس الوطني؟ وطالب عضو مجلس الشورى الدكتور حسين المالكي، كل مشاهير التواصل الاجتماعي، بالحس الوطني، وتحويل بوصلة نشاطهم الإعلاني والدعائي لدعم السياحة الخارجية، والتحذير من السياحة الخارجية إلى دول غير آمنة ولا تراعي حقوق السياح بصفة عامة والسعوديين بصفة خاصة، والذي يتعرض فيها إلى الابتزاز أو الضرر أو الاحتجاز خصوصا مع تزايد التحذيرات من السفر إلى تلك الدول. وأوضح أن هناك بعض المشاهير يستحقون الشكر، لأنهم لم يقعوا في هذا الترويج، بل حذروا من بعض الدول، وعلى البقية أن تعرف أن بلادهم تشهد تحولا وتطورا سياحيا غير مسبوق ليواكب رؤية 2030 في ظل تنوع بيئي ومناخي طبيعي وأنشطة ترفيهية، تستحق أن نبرزها ونروج لها بكل فخر واعتزاز. راعوا الوطن: واستغربت لمى القصيبي، استمرار بعض المشاهير في الترويج بالرغم من التحذيرات الأمنية الواضحة والصريحة، متمنية وضع حد للأمر بتفعيل قانون الترخيص لمشاهير السوشال ميديا، ووجهت لهم رسالة بقولها «أنتم تمثلون الوطن رضيتم أم أبيتم، والأمر يخرج عن كونه حرية شخصية، إلى المسؤولية العامة في تضليل المواطنين، طالما قبلتم أن تكونوا من الشخصيات المؤثرة». وعزت ارتكاب مثل هذه الأفعال، إلى عدم وعي أو عدم اهتمام سوى بالجانب المادي على حساب الوطن والمواطنين، وقالت «إذا كانوا لا يتابعون أخبار تلك البلدان، فهذه مشكلة، وإذا كانوا يتابعونها ويصرون على تضليل الناس فهذه كارثة». المواطن ضحية: استنكر مدير إدارة كلية الآداب بجامعة الجوف سلطان الدهيليس، حملة الترويج للسياحة في تركيا من قبل مشاهير السناب شات، الذين صنعهم المواطن السعودي، وقال «للأسف هؤلاء دفعت لهم مبالغ مالية وسكن وتنقلات ليمدحوهم، رغم التحذيرات من السفر إلى هناك في ظل المخاطر المتعددة التي يتعرض لها السائح السعودي».وأوضح أن السعودي ضحية ارتفاع الأسعار والنصب والاحتيال، بالإضافة إلى العنصرية والدونية التي يواجهونه بها في بلادهم، وليس من اللائق أن يتم تحريض أي مواطن ليقع في الفخ.وقال «عن نفسي لن أسافر إلى دولة تختلف مع بلادي، واعتبر ذلك من باب الولاء للوطن وبنفس الوقت بهذه الطريقة أحمي نفسي من كوارث السفر مثل سرقة الجوازات والأموال التي مع الأسف وقعت لكثير من الذين سافروا إلى تركيا، ناهيك عن حالات الإعتداء لفظياً وجسدياً». قانوني: تضليل خطير.. يحسمه القضاء وصف المستشار القانوني أسامة يماني، ترويج بعض مشاهير (سناب شات) للسياحة بتركية، على الرغم من تنبيه الجهات ذات العلاقة بخطورة الأوضاع الاقتصادية والأمنية في تركيا، يعتبر تضليلا لجمهوره ومتابعيه، لأنه يضللهم ويتغاضى عن عدم التنويه بخطورة الأوضاع هناك، مشددا على أنه من حق أي شخص ضلل نتيجة المعلومات غير الدقيقة رفع دعوى ضد مشهور سناب شات الذي ضلله. وأوضح أن الليرة التركية عملة متذبذبة وغير مستقرة، لذا فإن الشراء هناك يعني خسارة كبيرة للمستثمر أو الراغب في شراء عقار، كما أن هناك العديد من الشركات التركية والأفراد احترفوا النصب والاحتيال على الموطن السعودي الراغب في شراء عقار ولا يصح أن نغفل الجانب القانوني الذي يتطلب الإلمام به وتوفره عند شراء عقار، وهو أمر يشكل خطورة، خاصة إذا وقع المشتري في يد عصابة محترفة. ونوه يماني، بأن الأوضاع الأمنية نتيجة احتضان تركيا ورعاية جماعات متطرفة تجعل من المدن الكبرى أماكن غير آمنة لهذا تحذر بعض الدول الأوروبية من السفر لتركيا. اقتصادي: استجيبوا لتحذيرات السفارات يرى المحلل الاقتصادي أحمد الشهري، أن التحذيرات الحكومية تمثل أمرا في غاية الأهمية فيما يخص رعاياها في أي بلد ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتداعيات مرتقبة أو غيره، نتيجة لظروف اقتصادية وما ينتج عنها من حالات انتهازية أو منظمة في سرقة المسافرين والسياح أو الاعتداء عليهم بالأذى النفسي أو اللفظي أو البدني، وقد تصل بعض تلك التهديدات إلى تلف الروح أو افتعال جرائم تؤدي إلى السجن أو المحاكم، دوافعها سياسية كنوع من أساليب الضغط على الحكومات. وقال «من الحكمة الاستجابة للتحذيرات الصادرة من سفارات خادم الحرمين الشريفين في أي بلد بمسؤولية وبأقصى درجات الجدية وبشكل خاص فيما يخص سلامة المواطنين السعوديين عند تواجدهم في تلك البلدان غير الآمنة بشكل مؤقت أو دائم».