يُعد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، معلماً حضارياً بارزاً، وصرحاً ثقافياً شامخاً، يُعنى بطباعة المصحف الشريف، وشاهداً على الخدمة والرعاية التي توليها المملكة العربية السعودية لخدمة الإسلام والمسلمين من خلال إنشاء هذا المجمع المتخصص في طباعة المصحف الشريف وتسجيل تلاوته بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، وترجمة معاني القرآن الكريم التي وصلت إلى (78) ترجمة شملت إصدارات المجمع البالغة 320 مليون نسخة على مدى 34 عاماً من إنشائه. ويحظى المجمع باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ليكمل مسيرته العطرة في العناية بعلوم القرآن الكريم، والسنة النبوية، وبالبحوث والدراسات الإسلامية، إذ يعد مرجعاً علمياً موثوقاً في خدمة كتاب الله تعالى، سواء على صعيد طباعة المصاحف التي يُقرأ بها في أنحاء العالم الإسلامي، أو على علوم القرآن الكريم، وتفسيره، وترجمته، وتسجيل تلاواته بالروايات القرآنية منذ تم افتتاحه عام 1405. وتتولى وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الإشراف على المجمع بهيئة عليا تختص برسم الخطط والأهداف العامة للمجمع وسياسات تطبيقها، والإشراف على تنفيذها، والموافقة على طلبات التعاون الواردة من خارج الوزارة، ودراسة ما يعرض عليها من الأمانة العامة للمجمع، وإقرار برنامج إنتاج إصدارات المصحف الشريف، وترجمات معانيه إلى مختلف اللغات، والموافقة على اختيار القرّاء للمصحف المرتل، والموافقة على ما يتم اختياره من مركز الدراسات القرآنية، ومركز الترجمات من الكتب، والموضوعات العلمية تأليفاً، وتحقيقاً، وترجمة، ونشراً، وإقرار الميزانية للأمانة العامة للمجمع، واتخاذ ما تراه محققاً للمصلحة العامة في الحالات المستجدة من الأمور التي لم يرد ذكرها في اختصاصات الأجهزة المختلفة، والاطلاع على التقرير السنوي للمجمع، والبت في الأمور التي يتضمنها. وتصل الطاقة الإنتاجية للمجمع إلى 13 مليون نسخة من مختلف الإصدارات سنوياً، وزادت الكميات التي أنتجها المجمع على (320) مليون نسخة موزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات وتسجيلات وكتبٍ للسنة والسيرة النبوية وغيرها. وأحرز المجمع عدداً من الجوائز التي شملت جائزة المدينةالمنورة، وجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة، وجائزة دبي للقرآن الكريم (الشخصية الإسلامية لعام 1429)، وجائزة أفضل موقع إلكتروني قرآني من رابطة العالم الإسلامي -الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم-، وجائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وقراءته وتجويد تلاوته. ووفقا لوكالة الأنباء السعودية، تقد مساحة المجمع ب250 ألف متر مربع، ويعد وحدة عمرانية متكاملة في مرافقها، إذ يضم مسجداً ومباني للإدارة، والصيانة، والمطبعة، والمستودعات، والنقل، والتسويق، والسكن، والترفيه، والعيادة الطبية، والمكتبة، وغيرها. ويُقدم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة هدية سنوية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحجاج إنفاذاً لتوجيهاته بتقديم نسخة من إصدارات المجمع لضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام، كما يُقدم المجمع أكثر من مليون و800 ألف نسخة من إنتاجه لهم سنوياً، في منفذي مطار الملك عبدالعزيز الدولي وميناء جدة الإسلامي، ومنفذ مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينةالمنورة، وفي المنافذ الأخرى. وينفرد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف باتباع أسلوب رقابي مميز على إصداراته، تشمل مراقبة الإنتاج كلاً من مراقبة النص، حيث تتم المراقبة عن طريق لجنة مستقلة مختصة في علوم القرآن من تجويد وقراءات ورسم وضبط، وهي المسؤولة عن إعطاء الأمر بالبدء بالإنتاج لأي ملزمة بعد التأكد من سلامة النص، وذلك في مراحل التحضير والطباعة والنسخ الصوتي، كما تشمل مراقبة تأكيد الجودة التي من مهماتها اكتشاف أي أخطاء فنية محتملة على خطوط الإنتاج المختلفة من طباعة وتجميع، وخياطة، وتجليد، ومراحل الإنتاج الصوتي ومعالجتها في حينه، إضافة إلى وجود رقابة علمية مستمرة من لجنة مراقبة النص للتأكد من سلامة النص القرآني، ووجود مراقبة الجودة ترافق جميع مراحل العمل، كما يوجد أيضاً جهاز كامل لمراقبة تأكيد الجودة يزيد عدد العاملين به على (400) مراقب يبدأ عمله من حيث تنتهي عمليات تجليد المصاحف لتحقيق مزيد من الدقة، والتأكد من صحة الإصدارات ومطابقتها للمواصفات الفنية المحددة لها، كما يستخدم المجمع في جميع مراحل التحضير والطباعة والتجليد أفضل المواد المتاحة وذات المواصفات المميزة، إضافة لاستخدام الحاسبات الآلية في تحديد مواصفات المواد، ومتابعة تأمينها، واستخدامها، والرقابة عليها. ويُراعي المجمع في اختيار إصداراته المطبوعة أو المرتلة، وإنتاجها، وتوزيعها المواءمة بين حاجات المسلمين إليها، وبين الاستفادة القصوى من الإمكانات الكبيرة المتوفرة، فالمجمع يضم تجهيزات حديثة، وإمكانات متقدمة في مجال الإعداد للطباعة، والطباعة ذاتها، والتجليد، والمراقبات المختلفة. كما أنشأ المجمع مصنعاً متكاملا خاصا به للأقراص المدمجة CD يشمل التصنيع، والطباعة، والتغليف، بطاقة إنتاجية قدرها (840) قرصاً في الساعة، ويضع المجمع ضمن خططه المستقبلية العمل على زيادة إنتاجه وتنويعه، ويدرس باستمرار أفكاراً ونماذج جديدة من الإصدارات المطبوعة والمسجلة. وقام المجمع بربط وحدة شبكة البحوث الرقمية بالإنترنت من خلال خدمة «ايزا»، وإعداد وتحضير موقع إنترنت جديد لبرنامج مصحف المدينة للأجهزة الكفيّة، وتحديث موقع التجوال الافتراضي بالمجمع، وإضافة ترجمات صوتية على موقع المكتبة الصوتية بالمجمع, ومشروع صور الإصدارات على أجهزة (آيفون) و (آيباد)، ومواصلة بناء قواعد بيانات المصحف الشريف، وإطلاق موقع ندوات المجمع ونقله إلى الخادم الخاص بالمجمع، وإنتاج مصحف بصيغة (XML). ويبلغ عدد زوار المجمع سنوياً أكثر من نصف مليون زائر من مختلف بلدان العالم ليشاهدوا هذا الصرح الإسلامي الشامخ الذي يُعدّ من الأعمال الجليلة التي قامت بها المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين. وحرص مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف منذ وقت مبكر على تطوير الخدمات التقنية التي تُعنى بالمصحف الشريف ليستفيد منها القراء والدارسون والمهتمون من المسلمين من مختلف دول العالم، حيث أطلق المجمع 13 موقعاً متخصصاً للقرآن الكريم على شبكة الإنترنت بسبع لغات عالمية، كما دعمت المكتبة العربية بموقع إلكتروني متخصّص في الخطوط الحاسوبيةِ التي تخدِم نَصَّ المصحف الشريف بمختلف رواياته، وحاجات النص العربي، إلى جانب ربط مختلف إداراته وأقسامه بشبكة داخلية، وأعد أنظمة حاسوبية لمختلف أعماله، كما تكونت في المجمع لجان مختصة للنهوض بالأعمال العلمية والفنية المتصلة بتشغيل الموقع الإلكتروني العام، حيث أنجزت جميع مواد الموقع بست لغات تشمل العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والأردية والإندونيسية والهوسا، تحقيقاً للأهداف التي أنشئ المجمع من أجلها وتلبية لازدياد حاجة العالم الإسلامي إلى المصحف الشريف، وترجمة معانيه إلى مختلف اللغات التي يتحدث بها المسلمون، والعناية بمختلف علومه، إلى جانب خدمة السنة والسيرة النبوية المطهرة.