كعادة المواقع التاريخية، تحتفظ منطقة بئر حما في نجران بآثار عدة تؤكد اتصال وتواصل الحضارات وانفتاحها على بعضها، ولم يكن مستغرباً أن تخلّد النقوش النساء باعتبار مكانتهن في الديانات، ورفع الحضارات قدرهن وشأنهن حدّ التأليه شأن عشتار وافروديت وهيستيا. وتعد بئر حما أو آبار حمى التاريخ محطة من محطات طرق القوافل القادمة من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها، ويؤكد باحثون أن (حما) تضم في متحف مفتوح أهم مواقع الرسوم الصخرية في المملكة إذ يوجد بها أكثر من 13 موقعاً تحتوي على رسوم لمناظر صيد ورعي وأشكال آدمية رسمت بأكبر من الحجم الطبيعي، ويلبس العديد منها غطاء على الرأس فيما تبدو لحى الرجال واضحة وحول أعناق الأشكال الآدمية عقود وأطواق فيما يلبس بعض الرجال خلاخيل في أرجلهم ولعلها لإحداث صوت يتناسب مع حركات الرقص والموسيقى، فيما تقتصر ملابس النساء كما في النقوش على لباس قصير عبارة عن إزار يلتفت حول الوسط، كما تحضر الأسلحة في المناظر التي تمثل القتال أو الصيد في الغالب على هيئة رماح تزدان أعوادها على الوسط بزخارف وإلى جانب الرماح تظهر في الرسوم تروس وأقواس وسهام، ورسوم للسكاكين والأنصال ومناظر لمجموعات تؤدي رقصات مع آلات موسيقية تشبه الربابة، وفي الموقع العديد من النقوش أشهرها نقوش جبل حماطة. ومن النقوش نقش آخر ملوك حمير والمعروف عند المؤرخين العرب ب(يوسف ذو نواس) عثر عليه بجبل حماطة، والنقش مؤرخ بسنة 633 بالتوقيت الحميري الموافق سنة 518م. أمر بكتابة هذا المسند (يوسف آسار يثأر) ملك سبأ و(ذو ريدان) وحضرموت وبمنت داعياً إله السماء والأرض البركة عليه وعلى من معه من الأبناء والأقبال، وهو يحمد الله على ما أولاه من النصر على أعدائه أهل نجران وفرسان ومن شايعهم من الأحباش، إذ تمكن من هدم كنيستهم بنجران وظفر بقتل 12500 رجل وسبي 11000 ومن الغنائم 200 ألف رأس من الإبل والغنم والبقر وقام بكتابة هذا النقش القيل شرح إل يقبل والأقيال وشعبهم.