في النزالات الكبرى بين الدول، هناك أمم تعرف قدرها ومكانتها وحجم تأثيرها، وهنالك أخرى لا تعترف إلا بطموحها الزائف، وتلبيس الحق بالباطل، واستخدام مواطنيها في تحقيق احلامها المستعارة؛ لذا استلزم على الأولى أن تؤدب الأخيرة بما تليق وتستحق. بالأمس، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، أن قاذفات من طراز بي-52 ستراتوفورتريس وصلت إلى قاعدة (العديد) الأمريكية في قطر، إذ جرى إرسالها إلى الشرق الأوسط، في إطار تأكيدات واشنطن الجدية في مواجهة تهديدات إيران الإرهابية، ليترافق ذلك، مع تشديد الولاياتالمتحدة العقوبات المفروضة على إيران الشهر الجاري، والغاء إعفاءات كانت تسمح لبعض الدول بشراء النفط الإيراني بهدف وقف صادرات طهران النفطية تماما؛ الأمر الذي يبرهن أن الولاياتالمتحدة بدأت في إحكام الخناق السياسي والاقتصادي على حكم الملالي في طهران. ومما يؤكد ذلك إعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، أنها سرعت نشر حاملة الطائرات «يو إس إس .. إبراهام لينكولن»، وأرسلت قاذفات إلى الشرق الأوسط بعد معلومات استخباراتية أمريكية أشارت إلى تحضيرات إيرانية محتملة لشن هجمات على قوات أو مصالح أمريكية في المنطقة. تزامن ذلك، مع تهديد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ردّ سريع وحازم، على أيّ هجوم قد تشنّه إيران أو أيّ من حلفائها على المصالح الأمريكية. وقال بومبيو في بيان له أمس (الخميس): نحن لا نسعى إلى الحرب، لكنّ ضبط النفس الذي نتحلّى به حاليًا لا ينبغي أن تفسّره إيران خطأً على أنّه «افتقار للعزم»، مشيرا إلى أنه خلال الأسابيع الماضية شكّلت إيران مصدرا لسلسلة أعمال وتصريحات تهديدية أجّجت تصعيدا في منطقة الشرق الأوسط . ولفت بومبيو في بيانه، إلى أنّ ما مارسته إيران: على مدى 40 عاما من قتل جنود أمريكيين وشنّ هجمات على منشآت أمريكية واحتجاز أمريكيين رهائن، هو تذكير دائم لنا بأنّه يجب علينا الدفاع عن أنفسنا. فيما أبدت طهران ردود فعل غاضبة وتصعيد في سقف التهديدات، إذ صرح نائب قائد الحرس الثوري الإيراني يد الله جواني، اليوم (الجمعة) أن طهران لن تجري محادثات مع الولاياتالمتحدة، وأن واشنطن «لن تجرؤ على القيام بعمل عسكري ضدنا». مضيفا « أمتنا.. ترى أن أمريكا لا يعتد بها»؛ ما يعطي دلالة على حالة الاضطراب والارتباك التي أصابت النظام الثيوقراطي في طهران، الذي أوشك على السقوط.