التأمل منهج رباني، فكثير من آيات القرآن الكريم تدعو إلى التأمل والتدبر والتفكر في خلق الله تعالى. وأثبتت الأبحاث أن التأمل أسلوب لتغيير سلوك الأفراد تجاه الحياة، وينشأ من داخل قرارات الفرد وعقله، وهو غير محصور على فئة معينة؛ لأنه وسيلة لتدريب العقل والتحكم في الدماغ، فاتخذ نهجا في تعليم الأطفال في مدارس التعليم الحديثة. ونجد أن أجمل ما في التأمل، أنه يحمل الأمل في طياته، لأنه يساعد على التركيز وتعميق الفكر وصفاء الذهن وتجنب التشتت وتحسين المزاج، والسلام النفسي الذي يجدد طاقة الإنسان الإيجابية، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحقيق النجاح في الإنجازات المستهدفة، «أعظم الإنجازات حققها أناس واصلوا محاولاتهم عندما بدا أنه لا أمل لهم في النجاح» ديل كارنيجي. فالتفكير التأملي يؤدي إلى حل المشكلات ووضع البدائل؛ لاتخاذ القرارات السليمة البعيدة عن أخطاء التفكير التي منها التعميم والمبالغة والتهوين والتسويغ والتناقض والتشتت والقولبة وأخذ الأمور على محمل شخصي؛ لذا مؤسساتنا تحتاج إلى الممارسات التأملية والتدريب عليها كعملية فعالة، تشكل مفتاح الوصول لمستوى الأداء المتميز والقيمة المضافة، لتحسين العمليات وتجويد المخرجات، من خلال التفكير المتعمق في أداء العمل الذي يساعد الموظفين على تطوير قدراتهم، بالتعرف على نقاط القوة وتعزيزها والتغلب على نقاط القصور وتحسينها، وتحقيق الرضا الذاتي والوظيفي والثقة بالنفس، ما يقلل من التوتر النفسي ويجعل الموظفين أكثر هدوءا، ما ينعكس إيجابيا على عملهم، وينمي شعورهم بالمسؤولية تجاه مستوى أدائهم والوصول إلى النضج المهني لديهم، كما يشجع التفكير التأملي على تنمية مهارات التعلم الذاتي والبحث لدى الموظفين وزيادة دافعيتهم للتجديد والتطوير ومواجهة التحديات، وتوثيق خبراتهم من خلال استخدام أدوات تأملية متنوعة كالمذكرات اليومية والحوار الذاتي والسيرة الذاتية والتقويم الذاتي وبحوث العمل وسجلات الإنجاز المهني، التي تساعد الممارس على أن يتأمل أداءه وممارساته ذاتيا، للوصول إلى الأداء الأفضل بالإمكانات الممكنة، مع استفادة الآخرين من تلك الخبرات للتوجه نحو المجتمع المعرفي. فيقول جون ديوي: «نحن لا نتعلم من خبراتنا وإنما نتعلم من التفكير التأملي في تلك الخبرات».