تطلع مثقفون لتخصيص قناة ثقافية تلفزيونية لنقل وتسجيل الفعاليات الثقافية عبر برامج متخصصة، وعرضها محلياً وعربياً وعالمياً من خلال الأيام الثقافية السعودية، وناشد المثقفون وزيري الثقافة والإعلام الالتفات للحاجة الماسة للمثقفين والمثقفات لنقل أصواتهم ومواهبهم وإبداعاتهم عبر الفضاء والأثير، ويؤكد رئيس أدبي الطائف عطا الله الجعيد أن تخصيص قناة ثقافية ضرورة، «خصوصاً في الوقت الحالي، وفي ظل ما نواجه من هجوم على بلادنا»، وقال «كنا نتطلع إلى أن تسابق هذه القناة وتحتل مكانة بين القنوات الثقافية»، وعزا غياب البرامج الثقافية إلى مزاحمة قنوات التواصل الاجتماعي وسرعة متابعتها للفعاليات الثقافية وتواصل الميديا مع الأسماء المؤثرة ثقافياً وغياب الرقابة التي ضيقت واسعاً خاصة في المجال الثقافي، وتحفظ على الميديا كونها لا توفر البرامج الحوارية الثرية بين المثقفين والمناظرات الجدلية التي كانت تنقلها القنوات التلفزيونية والبرامج الإذاعية. ويرى الإعلامي سلامة الزيد أن القناة الثقافية حاضنة للمشهد الثقافي بكل تجلياته، مبدياً أسفه «أن تزاحم المسلسلات والحفلات الفنية الفعل الفكري والثقافي وتحتل الأولوية حد إغلاق قناتنا الثقافية بالضبة والمفتاح بزعم ضعفها»، ولم يستبعد الزيد أن القناة لم تكن تدار بشكل جيد بسبب تغييب رموز الثقافة عنها إدارياً وبرامجياً، وأضاف أن الواقع الحالي لا يتوافق مع طموحات الرؤية. وتطلع الزيد لتأسيس قناة ثقافية تدار بإعلاميين مهنيين مثقفين وبهيئة إشراف للبرامج تضم نخبة من رموز وشباب الثقافة، وعدها ضرورة الضرورات شرط توفير الميزانيات التي تخصص للبرامج الثقافية، مؤملاً أن تعود القناة الثقافية في عهد الوزير تركي الشبانة، الذي قال عنه الزيد: «سيحدث تغيرات كبيرة لصالح الوطن إعلامياً وثقافياً». وترى الكاتبة حليمة مظفر أن المملكة تعيش اليوم نشاطاً ثقافياً أدبياً هائلاً، وباتت الفنون على مختلف أطيافها في فورة نشاط بل طفرة فنية على مختلف المستويات السينمائية والمسرحية والفنون البصرية الجميلة تشكيلاً ونحتاً وزخرفة وتصويراً، وأضافت «لا يكاد ينتهي مهرجان أو معرض ثقافي حتى يبدأ آخر هنا وهناك في كافة مناطق المملكة، فمن ملتقى ألوان في الرياض إلى مهرجان الجنادرية ومعرض جدة الدولي للكتاب ومهرجان شتاء طنطورة في العلا وآخر للتمر في القصيم ومهرجان الزيتون بالجوف ومهرجان المانجو في جازان ومهرجان التمر في الأحساء ومهرجان الحريد في جزر فرسان ومعرض الرياض الدولي للكتاب ومعارض ومهرجانات عديدة وثرية في قيمتها الثقافية الوطنية»، وأشارت إلى ما يصحب المهرجانات والمعارض من أنشطة وفعاليات ثقافية أدبية وفنية، مؤكدة علو صوت الأديب السعودي، إذ غدت الرواية السعودية ذات قيمة ثقافية عربية وحصد كتابها جوائز دولية رفيعة، إضافة إلى اختيار الأحساء عاصمة للسياحة العربية، لافتة إلى أنه «مع شديد الأسف لا يستطيع الإعلام عبر ما لديه من قنوات حالية تغطيتها وتعزيز أهدافها»، وقالت «إن القناة الثقافية التي تم تدشينها منذ بضع سنوات كانت هي الأمل لتكون منارة ثقافية تقدمنا خارجياً»، وأضافت «كنا في حاجة إلى قرار تطويرها وتطوير محتواها وليس إقفالها، وأتمنى فعلياً إعادة النظر في ذلك لأهميتها مع تطوير المحتوى الإعلامي بما يتناغم ورؤية 2030 لتكون معززة في الاستثمار الثقافي كمصدر دخل مهم من مصادر دخلنا الوطني وأملنا في ذلك لن ينقطع». ويذهب الإعلامي حبيب محمود إلى أن «الثقافة لم تكن يوماً ترفاً، حتى وإن تأخر موقعها في سلم أولويات المجتمع فهي مكون أصيل في صميم كل مجتمع»، ويرى أن «الإعلام الثقافي متصل بالضرورة الثقافية، بوصفه أي الإعلام مُخبرا عنها، ومُبرزا لمنجزها، ومتابعا وموثقا لما يحدث فيها وحولها». وعد إنشاء قناة ثقافية «ضرورة في مرحلتنا الراهنة، لتكون معبِّرة عن الثقافة، وراصدة لها، ومروِّجة لأفعالها، على مستوى الإبداع، التأليف، المنابر، الأفكار، التحديات، الإشكاليات المتجددة. وستكون متحاورة معها أيضاً، ومع الفاعلين فيها». وقال «إذا أردنا أن نواصل الرقي بالمجتمع؛ فإن الرقي بالثقافة وسيلة، والإعلام جزءٌ من آليات الرقي بالثقافة»، وأضاف أنه «ليس هناك من معنى لثقافة لا تجد نوافذ لتطير منها، وفضاءات تحلق فيها، ومروجا تتحرك فيها، وهواء مفتوحا على كل الجهات.. الثقافة لحنٌ، ولا معنى له من دون أسماع.. والقناة الثقافية بإمكانها فعل الكثير والكثير». ويوضح الإعلامي المختص بالشأن الثقافي سعد زهير الشمراني، أنه «قبل القناة الثقافية كنا نظن وجود قناة للثقافة نوعاً من الترف، شأنها شأن وسائل التواصل والاتصال مثل الجوال والكماليات التي لا حاجة لنا بها، إلا أنه بمرور الوقت غدت ضرورة ملحة لا غنى لنا عنها»، مشيراً إلى أن القناة الثقافية «كانت صوتاً ومنبراً لتفعيل وتحريك المشهد الثقافي، وعيناً ولساناً وشفتين للمثقفين في أعين بعضهم وأعين الآخرين»، وقال «تمنيت أن يتم التفاوض مع وزارة الثقافة أو هيئة الثقافة قبلها لتتبنى القناة الثقافية قبل إيقافها، مثلما تبنت هيئة الرياضة القناة الرياضية»، وعدَّ إغلاق قناة، كانت منبراً حياً لعشرة أعوام «جريمة ثقافية لا تغتفر لاسيما وأنها أنشأت مكتبة تلفزيونية لا يستهان بها». ويرى زهير أن الثقافة بمفهومها الشامل «ليست معادلاً لمنابر الأندية الأدبية فحسب بل هي الحياة بكل أطيافها بما في ذلك الترفيه والسياحة، فضلاً عن الفنون بشتى أنواعها». وأضاف: «لو تم استبدال اسمها بآخر لا يربطها بالثقافة المتعارف عليها في أذهان الناس مع الحفاظ على خط الثقافية مضموناً لكان الخيار الأنسب، كون كثير من مناشط المجتمع أهملت بعد توقف القناة الثقافية كما يرى ولم يتبقَّ إلا ما يقوم به بعض المجتهدين في الإذاعة والتلفزيون إما فزعة أو مجاملة بغير تقنين».