بدأت اليوم (الأحد) في بيروت أعمال الدورة الرابعة من القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك تحت شعار «الإنسان محور التنمية» والازدهار يعزز السلام في المجتمعات " برئاسة رئيس الجمهورية اللبنانية الرئيس العماد ميشال عون، وحضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط. ورأس وفد المملكة العربية السعودية في أعمال القمة وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان. ويتناول القادة العرب خلال القمة - وفقا لجدول الأعمال الذي نوقش خلال الاجتماعات الوزارية التحضيرية للقمة 29 مشروعًا وبنداً تشمل كافة قضايا العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك، وتتعلق بكافة مناحي الأنشطة التنموية والاقتصادية والاجتماعية، علاوة على مبادرات واستراتيجيات في مجال الأمن الغذائي والطاقة والقضاء على الفقر وحماية النساء والاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة ومجال الاقتصاد الرقمي وغيرها. واستهلت الجلسة بكلمة المملكة العربية السعودية الرئيس السابق للدورة الثالثة ألقاها رئيس وفد المملكة لأعمال القمة وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان ونقل خلالها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود و ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز «حفظهما الله» وتمنياتهما للقمة بالنجاح. وقال الجدعان أنّ المملكة تعرب عن بالغ الشكر والتقدير للرئيس العماد ميشال عون رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة، وحكومة وشعب لبنان الشقيق، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة الّذي يعبّر عن أصالة هذا البلد وكرم شعبه، مهنئًا الرئيس عون على "رئاسة اعمال هذه القمة راجيا لفخامته التوفيق في ادارة اعمالها ومعرباً عن الشكر للأمانة العامة لجامعة الدول العرية ممثلة في أمينها العام الاستاذ احمد ابو الغيط على الجهود المبذولة في الاعداد لهذه القمة. وأوضح الوزير الجدعان أنّ المملكة العربية السعودية استضافت القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية الثالثة بمدينة الرياض عام 2013، وفي العام 2018م استضافت المملكة القمة العربية ال29 التي أسماها خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، (قمة القدس)، في تأكيد مستمر لدعم المملكة للعمل العربي المشترك وقضاياه المركزية. وأضاف: "لقد خرجت قمة الرياض التنموية بقرارات مهمة لدعم العمل العربي المشترك فكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين بالدعوة لزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية والشركات العربية المشتركة بنسبة لا تقل عن (50) حيث بلغت الزيادات التي تمت حتى الان للصناديق والمؤسسات المالية العربية وعدد من الشركات المشتركة بما يربو على سبعة ونصف مليار دولار أمريكي والتي كان لها الأثر الكبير في تعزيز قدرات هذه المؤسسات والشركات لتمكينها من تلبية الاحتياجات التنموية لدولنا خاصة في هذه المرحلة التي تزايدت فيها هذه الاحتياجات". واستطرد قائلا: "كما دعمت القمة اطلاق برنامج التمويل من أجل التجارة لدعم التجارة البينية العربية تحت مظلة المؤسسة الاسلامية الدولية لتمويل التجارة الذي ساهمت فيه المملكة ونفذت المؤسسة مرحلته الاولى وشرعت في تنفيذ المرحلة الثانية". ولفت الوزير الجدعان إلى أنه "خلال ترؤس المملكة للقمة العربية التنموية، حظيت العديد من القرارات الصادرة عن القمتين التنمويتين السابقتين بالكثير من قوة الدفع لإنجازها ومن ذلك انضمام 18 دولة عربية لمبادرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بإجمالي مساهمات بلغت (1310) مليون دولار وبلغت مساهمة المملكة 500 مليون دولار أمريكي دعما لهذه المبادرة هذا بالإضافة الى ما تحقق في مجال تنفيذ القرارات المتعلقة بربط الدول العربية ببعضها وعلى رأسها مشروع الربط الكهربائي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقة الذي من المتوقع أن يبدأ التشغيل الكامل له في عام 2021م. وشدّد الجدعان على أنّ «انعقاد القمة الرابعة يأتي في وقت تواجه الدول العربية العديد من التحديات التي تحيط بها من كل جانب، ويحرص أعداؤها على النيل منها واضعافها بل واشغالها في قضايا تستنزف مواردها بدلاً من ان تستثمر كل دولة عربية مواردها لتحقيق التنمية لشعبها وتوفير سبل العيش الكريم له، وهذا يستوجب أن نكون أكثر حرصا من اي وقت مضى على توحيد الجهود ومواجهة كلّ ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في دولنا والعمل على دفع مسيرة العمل العربي المشترك بتبني سياسات تزيد من تلاحم هذه الأمة وتعزز روابطها الاقتصادية التجارية والاستثمارية»، موكدا ضرورة "تعزيز التجارة العربية البينية وإزالة ما يواجهها من عقبات والنظر لمصالحنا العربية المشتركة والعمل على تعزيز دور القطاع الخاص العربي وتبني السياسات المحفزة للاستثمارات البينية بما في ذلك مبادرة التكامل بين السياحة والتراث الحضاري والثقافي في الدول العربية وغير ذلك من المجالات". ونوه الجدعان إلى أن المملكة تود الاشارة إلى أنها ستعيد طرح موضوع دورية انعقاد القمة التنموية الذي سبق أن قدمته المملكة في قمة الرياض 2013م ونتج عنه صدور قرار القمة العربية العادية بأن تعقد هذه القمة كل اربع سنوات ولا شك أن التطورات في المجالات التنموية: الاقتصادية والاجتماعية سريعة ومتواصلة الأمر الذي يجعل دورية الانعقاد كل 4 سنوات أمر لا يتسق مع الوتيرة السريعة لهذه التطورات. ثمّ أشار إلى أن "عقدها بشكل دوري سنويا قد يكون أمرا صعبا في ضوء انعقاد القمة العربية العادية ولذا فإن المملكة العربية السعودية ستعيد طرح مقترح دمج هذه القمة في القمة العربية العادية لدراسته مرة أخرى نظراً لأهمية قضايا التنمية: الاقتصادية والاجتماعية. والحاجة للمتابعة المستمرة لها حيث من المناسب ان يكون بند المواضيع التنموية بنداً دائما ومستقلا على جدول أعمال القمة العربية العادية". وختم الوزير الجدعان كلمته بالقول: " تكرر المملكة العربية السعودية الشكر والتقدير للجمهورية اللبنانية الشقيقة على استضافتها لهذه القمة والشكر موصول على ما لقيته المملكة -دولة الرئاسة- من تعاون في متابعة وتنفيذ قرارات قمة الرياض 2013م كما تشكر المملكة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على ما بذل من جهود في المتابعة لأعمال القمم السابقة والاعداد لهذه القمة التي يحدونا الامل جميعا أن تخرج بقرارات دعم مسيرة العمل العربي المشترك راجين لهذه القمة التوفيق والنجاح وأن تحقق لشعوبنا العربية بحول الله ما تصبوا إليه من استقرار وازدهار ورخاء". إثر ذلك تولى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الكلمة متوجهاً بالشكر الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- على رئاسته الدورة السابقة للقمة. وقال عون في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة من القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية:"إن لبنان قد دفع الثمن الغالي جرّاء الحروب والارهاب، ويتحمّل منذ سنوات العبء الأكبر إقليمياً ودولياً، لنزوح الأشقاء السوريين، مضافاً إلى لجوء الأخوة الفلسطينيين المستمر منذ سبعين عاماً، بحيث أصبحت أعدادهم توازي نصف عدد الشعب اللبناني، وذلك على مساحة ضيقة ومع بنى تحتية غير مؤهلة وموارد محدودة وسوق عمل مثقلة". وكشف عن اقتراح مشروع بيان ختامي يصدر عن القمّة حول أزمة النازحين واللاجئين نظراً لانعكاسات هذه الأزمة الخطيرة على اقتصادات دولنا وأبعد من ذلك لما تشكّله من مخاطر وجودية على النسيج الاجتماعي القائم في المنطقة. ودعا عون إلى:"تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام ورفاه شعوبها وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفي هذا الإطار أدعو جميع المؤسسات والصناديق التمويلية العربية للاجتماع في بيروت خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لمناقشة وبلورة هذه الآليات". من جهته، توجه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بجزيل الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- وللمملكة العربية السعودية على رئاسة الدورة السابقة للقمة والإدارة المقتدرة والحكيمة لأعمالها. وأكد "إن الفجوة الرئيسية التي تفصلنا عن تطورات الاقتصاد العالمي تتعلق في الأساس برأس المال البشري، لقد صارت المعرفة والابتكار، لا التصنيع أو الخدمات، هما المولد الأكبر للقيمة المضافة العالية في ظل تسارع الظاهرة المسماة بالثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاتها المختلفة، إن الاستعداد لمواجهة تبعات هذه الثورة التكنولوجية يتعين أن يحتل صدارة أولوياتنا في المرحلة القادمة، ويتطلب الأمر جهداً أكبر في تضييق الفجوة الرقمية مع مناطق العالم الأخرى، إذ لا زال أكثر من نصف سكان العالم العربي غير متصلين بالإنترنت. ولفت إلى أن «سكان العالم العربي هم من أكثر سكان العالم شباباً، وإن لم نحسن استغلال هذه»النافذة الديموغرافية" فسوف تتحول هذه الكتلة الشبابية إلى عبء على الاقتصادات، بل ومحرك للاضطرابات، وعلى الأرجح بيئة خصبة لمختلف صنوف التطرف الديني والسياسي". وبين أن "النمو المنشود أداته الإنسان وغايته الإنسان، ولا يتحقق سوى بالاستثمار في الإنسان؛ تعليماً وصحة.. غذاء وكساء.. ثقافة ووعياً... والمفتاح هنا هو التعليم الذي يُعد العامل الأساسي في بناء ومراكمة رأس المال البشري. وأشار أبو الغيط إلى أن "العالم العربي يحتاج وقفة حقيقية مع النفس في شأن تدني مستويات التعليم واطراد التدهور فيها، والأخطر؛ هو اتساع الفجوة بين التعليم وسوق العمل، وضعف العلاقة بين مخرجات التعليم ومقتضيات النمو الشامل". ولفت إلى أنه:" أوشك التفاوض حول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى على بلوغ غايته، وقد تم الانتهاء من نحو 95% من قواعد المنشأ التفصيلية، والمأمول هو أن تُستكمل هذه المنظومة الاقتصادية التكاملية، بما في ذلك تحرير تجارة الخدمات، في أسرع الآجال.. إذ ليس مقبولاً أن تظل التجارة البينية بين دولنا عند معدلاتها الحالية التي لا تتجاوز 12% من إجمالي تجارة الدول العربية، وليس مقبولاً أن تظل المنطقة العربية هي الأقل عالمياً من زاوية التكامل الاقتصادي، مع كل الإمكانيات التي يتيحها هذا التكامل للنهوض بالاقتصادات العربية والاسهام في تنويع نشاطاتها. وختم بالقول إن البنود المطروحة على جدول أعمال هذه القمة تتضمن عدداً من المبادرات والمشروعات والبرامج المتعلقة بالتكامل الاقتصادي، معرباً عن التطلع إلى أن تجد هذه المبادرات طريقها إلى التنفيذ لتقربنا خطوات على سبيل التكامل الاقتصادي العربي. وأعلن الرئيس عون عن انطلاق أعمال الجلسة المفتوحة الأولى للقمة، داعياً النائب الأول لرئيس البنك الدولي الدكتور محمود محيي الدين لإلقاء مداخلة حول تمويل التنمية. ورأى محيي الدين في مداخلته أنه لن تتحقق أهداف التنمية من دون الارتقاء بالعلم والاستفادة من التكنولوجيا، مقترحاً أن يكون هناك اهتمامات بخلق استراتيجيات للتجارة الإلكترونية. إثر ذلك ألقى رئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد عبد العزيز كلمة، أكد خلالها أن تخصيص قمة عربية للقضايا التنموية والاقتصادية والاجتماعية والحرص على انعقادها بشكل منتظم يعكس اهتمامنا الكامل لهذه القضايا وقوة ارادتنا لتسريع وتفعيل التكامل والاندماج الاقتصادي لمنطقتنا العربية والذي لا يزال دون مستوى تطلعات شعوبنا وما يتطلبه رفع التحديات التنموية الكبرى التي تواجهها رغم النجاحات التي حققتها القمم السابقة ورغم ما بذل من جهود وأنجز من العمل. وأضاف: «يتحتم على بلداننا العربية تأمين الانسجام بين هياكلها الاقتصادية واستثمار ما تزخر به من ثروات طبيعية هائلة ومصادر بشرية»، مشيراً إلى أن "حظوظ أي تكتل اقتصادي بالنجاح تظل في الدرجة الأولى رهينة لتوفر الأمن والاستقرار حيزه الجغرافي، وهذا ما يستوجب منا على ارسائه في المنطقة من خلال الإسراع في ايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية يرتكز على القرارات الدولية والمبادرة العربية للسلام، كما يتعين علينا دعم مبادرات إحلال السلم في اليمن وليبيا بما يضمن لشعوبها الأمن والاستقرار ويحفظ لهذه الدول الشقيقة سيادتها الوطنية ووحدتها الترابية". وختم:"إن تحقيق اندماج اقتصادي لعالمنا العربي يخلق تنمية مستدامة يتطلب منا في المقام الأول الاستثمار في رأس المال البشري وبناء الإنسان العربي المنفتح على الثقافات العالمية والمتسلح بالعلوم المعاصرة واطلاق طاقات الشباب واشراكه في الحياة العامة وتمكين المرأة من لعب دورها كاملاً، مع ما يتأتى من ذلك اعطاء الأولوية للتعليم والاستثمار في البحث العلمي وتكوين مهني عالي الجودة". بدوره، توجّه رئيس الحكومة الأردنية عمر الرزاز في مستهل كلمته بالتهنئة إلى الرئيس اللبناني على ترؤس بلاده لأعمال هذه القمة، كما توجّه بالشكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس الدورة الثالثة للقمة، على ما بذله من جهد طيب لإنجاح أعمالها، كما أثنى على "جهود الأمين العام لجامعة الدول العربية المبذولة لتنفيذ قرارات قمة الرياض والتحضير لهذه القمة التي تشكل خطوة مهمة على طريق تعزيز التعاون لخدمة مصالحنا المشتركة. وقال: «يأتي اجتماعنا اليوم، حيث يشهد عالمنا العربي ظروفاً اقتصادية وسياسية صعبة تتطلب منا جميعا العمل بشكل مشترك على تحقيق أعلى درجات التكامل والتعاون والتنسيق، لمواجهة التحديات والتعامل مع هذه الظروف، بروح المسؤولية والعزم وتكثيف الجهود وترسيخ التعاون والاستقرار والازدهار والانماء لدولنا وشعوبنا، مؤكداً أن»العمل العربي المشترك الفاعل لم يعد مشاعر، بل أضحى حاجة علينا التمسك بها وتجاوز كل ما يفرقنا". ورأى أنّه «لا بد من ايجاد الأطر الكفيلة والبيئة المواتية بين القطاع الخاص في بلادنا، لأنه المحرك الأساس للعجلة الاقتصادية، وستنعكس توافقاتنا على قدرته في زيادة التبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي بين دولنا العربية»، مؤكداً أن ذلك سيشجع أيضا الاستثمار المتبادل بما يحقق التكامل الاقتصادي ويبني اقتصاداً اقليمياً قادراً على تحقيق النمو ورفد المسيرة التنموية في جميع المجالات". واختتم بالقول: "إن التنمية أساسها الاستقرار والأمن وهذان غائبان بشكل كبير عن عالمنا العربي، ومن هنا علينا أن نطلق جهوداً أكثر فعالية لحل كل الأزمات في منطقتنا وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي وفق حل الدولتين وبما يلبي جميع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وخصوصاً حقه في الحرية والدولة على ترابه الوطني وعاصمتها القدسالشرقية".