في ظل الهجمات المتتالية على المملكة العربية السعودية، والجرأة غير المسبوقة على رموز الوطن دون احترامٍ للمواثيق والعهود، وبعداءٍ مكشوف يراه الأعمى قبل ذي البصيرة. نجد أن الماكينة الإعلامية الوطنية لم تؤدِ دورها كما يجب، رغم أن من أهم مبادئ إنشائها وأساسيات أهدافها الدفاع عن الوطن بكل القدرات الإعلامية الممكنة، بل وصناعتها وتطويع برامجها وضيوفها للذود عنه، وتحفيز الضمير الوطني الشعبي لتسجيل مواقف أدبية وثقافية وشعرية، بل وصنع نماذج وطنية يقتدى بها، فالقدوة الوطنية التي يلامسها المواطن هي أنجع السبل لتحفيز الآخرين على الاقتداء بها ونيل شرف المواقف النبيلة في ميادين الدفاع عن الوطن. ولعل أزمة الخليج الثانية في احتلال الكويت أحد الأمثلة القريبة للكثير منا، حيث عايشنا نموذجين تم تقديمهما بذكاء من السلطة السياسية في السعودية ليتصدرا المشهد الإعلامي كمدافعين مخلصين عن الوطن بكل طاقاتهما الإبداعية والشعرية والثقافية، فكان خلف بن هذال العتيبي العسكري المخلص بمفرداته الشعبية، التي تلامس الفؤاد بصدقها وعمقها وقدرتها على التفاعل للدفاع عن الوطن، وكان الدكتور غازي القصيبي الأديب والشاعر والسياسي المحنك في مفرداته العربية القوية التي تطرق الأسماع في كل أصقاع الدنيا. ليكون النموذجان شئنا أم أبينا متكاملين بين الشجاعة والقوة والتضحية في ضمير العسكرية وبين الثقافة والعمق والثقة في النموذج الثاني كضمير للحياة المدنية في الوطن. هذان النموذجان المتكاملان هما سر الانتصار الإعلامي والقوة في أزمة الخليج الثانية التي كانت بحق عاصفة صحراء لم يسلم منها أحد قدمت فيها التضحيات والمواقف العظيمة بصدق وإخلاص. نعود مرة أخرى لنهمس في أذن عرابي الإعلام ومسؤوليه، أين النموذج؟ وأين الدفاع عن الوطن في العاصفة التي تحاول النيل منه؟ ورسالة أخرى لرئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون نحن بحاجة إلى إعلام برامجي قادر على إدارة أزمة.