كان آباؤنا وأجدادنا يرددون في السابق عبارة «ويا غافل لك الله»، حول ما يحاك خلف الأشخاص إما في السوق أو المجالس، لكن اليوم ومع عدم خلو بيت أحد منا من وجود مراهق وأجهزة شبكات إنترنت، أصبحت الغفلة «غفلة رقمية» وأضحى ذلك المراهق تحت رحمة هذا العالم الافتراضي وغاب المثل القديم «خير جليس في الزمان، كتاب». راجت في مجتمعنا اليوم ثقافة التقليد وبسبب الرقمنة أصبح هذا التقليد حاضرا، وأضحت وسائل التواصل بوابة عبور لكل من هب ودب، وبلغ التأثير المراهقين، فنحن قد نبالغ في تربية الابن ونحسنها لكن يأتي في لحظة ما وفي لمح البصر من يعيث في هذه التربية فسادا من خلال بث محتوى مسيء عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح هذا المخترق يحدد فكر الابن وشخصيته، بل ولونه وذوقه بتأثير غير مباشر إما عبر صورة انستغرامية، أو سنابة قصيرة جداً أو تغريدة تشق الآفاق. لذا يجب أن نعي جميعا أن وسائل التواصل تشكل بنسبة كبيرة البعد الفكري لأبنائنا وبناتنا، فهي سلاح ذو حدين، بل لها تأثير كبير من خلال عزلهم فكريا وشخصيا عمن حولهم، كما أنني لن أكون سلبياً للغاية فهناك إيجابيات من هذه التطبيقات وإن كانت نادرة لسطحية أغلب المشاهير الذين شعارهم جمع أكبر عدد من المتابعين ومن ثم «هات إعلانك وكم تدفع» دون وجود أهداف اجتماعية أو فكرية تفيد المتابع، ناهيك عن بعض الحثالة ذوي الحسابات المروجة للتفحيط، والمخدرات، والجنس. بشكل أو بآخر، قد تسأل عزيزي القارئ ماهو دورك تجاه ابنك في هذي المعركة «الرقمية»، هل الغفلة قد أحاطت بك وأصبحت غافلا رقمياً، أم ماذا؟، بصراحة الأمر بسيط جداً تستطيع أن تكون القائد وترسم لابنك الخطط وتكسر حاجز الأبوة بينكما، وتكن صديقاً وقدوة لابنك وتعلمه من هو القدوة، ومن هو العدو من (يدس السم في العسل)، تلطف وتخير أوقات النصيحة واغرس بداخله القيم الحميدة وعرّفه بالبرامج التي تنمي موهبته، والتي لا تهدم فكره، إن الغفلة الرقمية ستضر ابنك وأسرته وعائلته ومجتمعه ووطنه ومستقبله.