جواهر السيد.. فنانة تشكيلية تركت تدريس اللغة العربية مبكرا واتجهت لهوايتها (الرسم)، إذ بدأت رحلتها مع الفن التشكيلي منذ 8 أعوام، وربما أن ولادتها في وسط يعج بالثقافات المختلفة في مكةالمكرمة جعلت من هذه الهواية راسخة في داخلها. وعن ذلك الاهتمام بالرسم والفن، قالت جواهر: «لم يقنعني أحد بالفن، فأنا أملك بذرته من طفولتي، وزرعت في نفسي ما كنت أريده بشغف، لم يكن لأحد أثر عليَّ، كنت فقط أتابع الوسط الفني السعودي والعربي، وأنظر لكل العاليات الفنية بتمعن، وأطلع على الكتب والقراءات النقدية، كل هذا كوَّن لدي مرجعا ثقافيا جيدا، ورسختها بدورات الرسم في المركز السعودي للفن التشكيلي، ودروس خاصة لصقل الموهبة»، وتضيف: «ما أريده فقط إيجاد فعاليات دائمة للفن، ومناخ خال من الصعوبات والمعوقات؛ كذلك الاهتمام بالفن السعودي، وإيجاد كل السبل لإظهاره للعالم». • مَن مِن الفنانين تأثرتِ بهم؛ محليا وعالميا؟ •• محلياً؛ أعجبت بالفنانين المقيمين بالمملكة ممن لهم حضور قوي على الساحة الفنية، وتأثرت بالأعمال التي تمثل «المدرسة التأثيرية» أو «الانطباعية» بشكل عام، إذ إنها تظهر شخصية الفنان وتعطي انطباعا لأسلوبه وقوته في استخدام ضربات الفرشات من حيث الأناقة والانسيابية والخفة أو القوة. عالميا؛ أنا من عشاق فان جوخ وسيزان وجوجان لانهم توجهوا في «التأثرية» نحو فن أكثر ذاتية ممن سبقهم في هذا التيار، وهذا نوع من التمرد على حدود المدرسة والتزامها، كما كان يفعل كولد مونيه. وأثناء دراستي كأي متعلم بدأت من «المدرسة التقليدية» ثم «الانطباعية» و«التأثيرية»، فالتجريد ثم الرسم الحر، وهكذا، لكني وجدت نفسي أكثر في التأثيرية، وكانت أفضل مدرسة أنتمي لها. وفي مرحلة ما كنت أبحث عن التحرر من التقيد، حاولت اتباع بعض نماذج لفنانين لكني وجدت نفسي مقيدة في دائرة تعيق حركتي، ثم قررت الانطلاق والتحرر من المعهود في صالات الفن والمعارض والتعبير عن تجربتي بقوة وعدم خوفي، فأطلقت في أول معرض في بيت التشكيليين في مناسبة لليوم الوطني بلوحة لفتاة ترقص للوطن ومن أجل الوطن. • ما هي طبيعة علاقتك مع الفرشاة واللون؟ •• علاقة فيزيائية قوية، يحيط بها تفاعل عاطفي وإنساني، يشاركنا فيها الخط الذي يحدد البنية التحتية للعمل الفني، ثم إضافة اللون لمرادف للخط، بعد ذلك تبقى حالة الرضا هي من تحدد انتهاء اللوحة بالتوقيع وانتهاء علاقتها بي لتشق طريقها أمام المتلقي، وكل متلق يرى العمل من زاوية مختلفة لتتعدد الزوايا، وتختلف الآراء والتفسيرات للعمل، وهذا أعتبره شيئا إيجابيا. • هل تجسدين الحالة الفنية في أعمالك التشكيلية؟ •• حالة الإلهام التي تتقمص الفنان يجب أن تستمر، وهو أهم ما يساهم في نجاح العمل، وتنقطع أحيانا باتصال هاتفي أو دخول بعض من أسرتي على مرسمي، وهذا يسبب إرباكا وانقطاعا للخيط الشعوري الذي أريد استمراره أثناء تنفيذ موضوع اللوحة. أما وجودي في المعارض يساعد على انتشار فني ومعرفة رسالتي وهويتي الفنية، وهو بيئة جيدة للاستفادة من بعض الخبرات العربية والعالمية، وأفضل دائما الوجود في مهرجانات فنية بها العديد من الخبرات المتباينة والمتعددة، ووجدته في ڤينا والأردن وشرم الشيخ. • ألا ترين أن الفن التشكيلي أصبح مهمشا؟ ولماذا لا نرى انتشارا أكبر لك؟ •• لدينا الكثير من الفعاليات والمهرجانات الفنية، وتنتشر صالات العرض، لكن ما يسيء للفن هو معارض مجموعات «الواتس» المنتشرة التي جعلت إقامة المعارض تعتمد على هذه المجموعات، ومن لم يكن بها لم يعرض معها، وأغلب من بها لا علاقة لهم بالفن ولا يفقهون فيه شيئا، ولاحظت ذلك من خلال الحوارات والنقاشات معهم، لذلك لا أفضل تلك المعارض «الواتسبابية». أما عن عدم انتشاري بالشكل المطلوب أو كما أريد، فسببه «الشللية الفنية»، بعضهم يرى في ما أقدمه نوعا من التمرد والجرأة التي لا تتوافق مع التقليدية السائدة في أغلب أعمال الفنانات، وربما بعض الغيرة أو الحسد، لكن عزائي هو علاقتي القوية بمرسمي وعالمي الجميل الذي أعيشه دون عقد أو توتر. • كفنانة مستقلة لها طابعك الخاص.. ما هي الألوان التي تميلين إليها؟ •• الأحمر والألوان الترابية، لكن عادة ما أميل للألوان الساخنة، فاللون الأحمر رافق بعض أعمالي في تجربة لوقت من الزمن، أحبه فهو أول لون عرفه البشر، وهو لون الحب والعاطفة الثائرة والقوة والنشاط، لون القسوة والغضب والخطر، لون يجذب العين بلا مقاومة، لون يرافق الأنثى في أزيائها منذ طفولتها، وعندما تكبر تعود له رغبة في الشعور بحب الحياة والإحساس بأنها مازالت يافعة. • ما الذي يميز أعمالك الفنية؟ •• عاملان؛ الجرأة وقوة الخيال، فأنا لا استخدم «اسكتش» لأعمال ولا أخطط للقصة في العمل، العمل يتكون ويظهر بحس صادق مع اللون، والمسطح الأبيض هي علاقة ود وحب وتجانس تام تجعل من أعمالي مواضيع ومعاني مختلفة تميزني عن غيري. • أخيرا.. ماذا تريدين للمرأة من عالم الفن التشكيلي؟ •• أن يكون هناك حضور فني تشكيلي قوي للمرأة السعودية، والاهتمام بنشاطها الفني دون وصاية من الفنان الرجل، وأنا سعيدة لوجودي في وقت الدولة سهلت كل الطرق أمام الفنانين وأزالت العراقيل التي كانت تعيق حركة الفن سابقا، الساحة الآن تمتلئ بالكثير من الفنانين والفنانات، وهذا ظاهرة جيدة لأنها تحفز لتحسين مستوى الفن من خلال التباين الذي يوجد جو المنافسة وتطوير المستوى أكثر.