في الوقت الذي يعتذر فيه الألمان ويتراجع فيه الكنديون عن مواقفهم السابقة ضد المملكة نجد الإخوة الأشقاء في الدوحة الصغيرة لا يزالون (صاملين) ما شاء الله عليهم اللهم لا حسد، ولا يكاد يمر يوم إلا ويرتكبون فيه ضد المملكة وضد دولة الإمارات ورموزهما من الحماقات السياسية والإعلامية وغيرها ما لا يغتفر، وكل حماقةٍ منهم تعقبها أخرى، أكبر منها أو مثلها. السؤال هنا.. ألم يكن يسع الإخوة القطريين ما وسع الألمان؟ فمع عظم قدر الألمان وعلو مكانتهم في مصاف الدول المتقدمة والكبرى اقتصادياً وصناعياً ومعرفياً وتقنياً لم تأخذهم العزة بالإثم، ولم يستكبروا عن الاعتراف بذنبهم وبخطئهم بحق المملكة، بل أسفوا له وتمنوا عدم تكرار مثل تلك الأخطاء التي تؤثر على العلاقة وعلى مستقبل الشراكة في مختلف المجالات بين البلدين الصديقين. ولم يكن ذلك الاعتذار الألماني وحيداً في الأيام القليلة الماضية، إذ تلاه لينٌ وتراجع والتماسٌ للصفح من الجانب الكندي بسبب مواقف مشابهة وحشرٍ لأنوفهم فيما ليس من شأنهم في حماقةٍ سياسية استوجبت حينها ردة فعلٍ رادعة وحازمة من صانع القرار في الرياض. فيا ترى لماذا كل هذا الاستكبار ولماذا هذا التعالي الأجوف من دويلة لم تمتلك يوماً عُشر معشار ما تمتلكه إحدى الدولتين السابقتين من اقتصاد وصناعة وموارد، ثم يعز عليهم أن يتنازلوا عن شيء من ذلك الغرور وتلك الغطرسة التي لم تبنَ يوماً على شيء. لماذا الاستمرار منهم في الإعراض عن الإنصات لصوت العقل والاستماع له، وعن الاستجابة لجهود الوساطة الكويتية والتي يصر القطريون على جعلها على الدوام كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء. ألم يكن من الأجدر بهم أن يأخذوا مخاوف ومطالب الأشقاء بدول الجوار مأخذ الجد بدلاً من الركض الحثيث منهم نحو المجهول وجر الجميع إليه. أليس من باب الحماقة ومن باب الغباء السياسي والبلاهة أن يطرق المسؤولون في الدوحة أبواب كل العواصم في كل القارات استجداءً والتجاءً وتسولاً لكل أنواع الأمان وللحلول المعينة على البقاء، وينسون أو يتناسون أن كل ما يطلبونه وجميع ما يبحثون عنه لن يجدوه، ولن يأتيهم، ولن يتم لهم إلا من الرياض وعبر الرياض، وفي الرياض فقط. ولكن كما قال القائل: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نارٌ نفخت بها أضاءت ولكنْ أنتَ تنفخُ في الرمادِ * كاتب سعودي