تخلد الأمم والشعوب ذكرى أيامها بمداد من الملاحم والأمجاد، فما يسطّره الأجداد يبقى محفورا في ذاكرة الأحفاد، يتعاهدون الذكرى ويستحضرون المنجزات فتزداد اللحمة ويتشامخ البناء. وبعودة الثالث والعشرين من أيلول (سبتمبر) كل عام تستعيد المملكة العربية السعودية يوم وحدتها وابتداء نهضتها، متطلعة في ذكراه ال88 إلى الملحمة الخالدة التي سطّرها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. وخاض على مدى أكثر من ثلاثة عقود معارك عديدة، قدَّم فيها التضحية والفداء من أجل تحقيق هدفه النبيل القاضي بتوحيد البلاد، محققاً منجزا غيّر مجرى التاريخ وأعاد تشكيل الجغرافيا، وقاد البلاد إلى نهضة لم يسبق لها مثيل في المنطقة، بفضل من الله ثم تمسّكه بعقيدة راسخة مجيدة، أساسها كتاب الله وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-. ويمثل اليوم الوطني للمملكة ذكرى عطرة تحمل في طياتها الكثير من المعاني السامية، في ظل وجود قيادة أمينة وشعب وفيّ واع، ووطن معطاء يشهد تطوراً على الصعد كافة، وهو ما جعل المملكة إحدى الدول المؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي، بل أصبحت في صدارة اقتصادات الدول الكبرى. وقد بدأت مسيرة البناء على يد الأب المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، ثم سار ملوك هذا الوطن المعطاء على خطاه ونهجه في الحكم، فكان جل اهتمامهم النهوض بهذا الوطن، والاستثمار في الإنسان، واتباع سياسة حكيمة تجاه كافة الملفات وذلك لضمان الاستقرار ورغد العيش. وعلى خطى إخوانه الملوك، يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان مسيرة التطور والتقدم لبلادنا، بمساندة ودعم وتأييد من الشعب وهما يبذلان الغالي والنفيس من أجل تحقيق «رؤية المملكة 2030»، والإسراع بتحريك قضايا التحديث والتطوير والإصلاح مع الحفاظ على ثوابت الدين والأمة؛ للحاق بركب الأمم المتقدمة، والاستفادة من نهضتها بملحمة سمتها الإنجاز والثبات على المبادئ، ووضوح الأهداف، ورسوخ الإيمان. ولا شك أن الاحتفال الثامن والثمانين باليوم الوطني للمملكة يمثل رمزاً يُذكّر الأجيال المتعاقبة من السعودية بأن الراية المتسلمة من آبائهم وأجدادهم تلقي على عاتقهم المزيد من المسؤوليات والواجبات والأعباء تجاه المحافظة على هذا الوطن المعطاء، في أمنه واستقراره، واستشعار هذه النعمة التي تعد ركيزة أساسية لما نعيشه من رغد العيش، واجتماع الكلمة على الدين وتطبيق شرع الله كتاباً وسنة. وحريٌّ بنا أن يكون اليوم الوطني استثنائياً لتتشارك فيه جميع فئات الشعب وتتسابق المؤسسات في إظهار أهمية هذه المناسبة، فيسود الفرح البلاد ويستذكر الجميع الإنجازات التي تحققت والطموحات المنتظرة، بل يعد فرصة لتأصيل حب الوطن والولاء والانتماء في نفوس النشء والشباب، للمحافظة على ما تحقق من إنجازات والمحافظة عليها، والاصطفاف خلف قيادتهم واحترامهم للقوانين، ونبذهم للعنف والإرهاب. من أجل المحافظة على مكتسبات هذا البلد، وربط حاضره بماضيه. وكما أن لليوم الوطني مكانة مهمة في نفوسنا، يجب أن نعي واجبنا تجاه الوطن كالمحافظة على مرافقه العامة والخاصة، والذود عن حياضه، وحمايته من الطامعين به، والحفاظ على ممتلكاته ومكتسباته، مع ترسيخ حبه في عقول الأبناء، ورفع شعورهم بالاعتزاز، والتمسك بقيمه ومبادئه، ونشر ثقافة الحوار والتسامح بين الجميع من أجل بناء مؤسساتٍ مجتمعيةٍ تدعم الوطن، وتسهم في خدمة مواطنيه، وتجنّبهم كل مواطن الفتنة والشبه، وتساعدهم على محاربة الفساد بكلّ أنواعه وأشكاله حتى يعم الخير أرجاء الوطن، ويعيش الناس في أمن وسلام ورفاهية واطمئنان.