أن ترمم حضارة كانت شامخة وتعرضت لعوامل الزمن فذلك قمة التصميم والرقي، لكن أن تنتشل أمة من حطام الإبادة وتراكمات العنصرية وشلالات الدماء فذلك قمة الإعجاز والافتخار. أغلبنا يتذكر حرب الإبادة الشعواء التي تعرضت لها رواندا، قبل أقل من ربع قرن، وقتل فيها قرابة المليون شخص في 100 يوم. واليوم الزائر للبلد يقف مشدوها، غير مصدق بالتطور الكبير الذي تعيشه والنهضة العملاقة التي تشارك الجميع في رعايتها وتنميتها. سألت الجهة التي استضافتني وهي هيئة السياحة في كيجالي، ما سر هذا التحول؟ وذكروا لي أنهم تسامحوا مع أنفسهم ومع الآخرين وتناسوا تبعات هذه المأساة واتجهوا لبناء بلدهم. أعجبتني الإجابة وهي إن دلت فإنما تدل على روحهم الجميلة الوثابة، الزائر لرواندا لا يجد أمامه أي شاهد على وجود حرب أو إبادة سوى ما جمعوه في متحف الإبادة، بل سيتفاجأ ببلد نظيف ومتطور. سر هذه النظافة بالشوارع والأناقة بالطرقات أنهم في كل سبت مع نهاية كل شهر ميلادي ينزل الجميع لتنظيف الشوارع بدءا من رئيس الدولة وانتهاء بجميع المواطنين. أيضا اهتموا بالبناء الأخلاقي للإنسان الرواندي ومن أهم ذلك تجريم الرشوة والحرب على الدعارة ومكافحة الفساد. قدمت رواندا خريطة طريق لكل من يبحث عن النهوض والبناء ونالوا احترام جميع الشعوب. تعلمون أن الأمم تنهض بسواعد أبنائها وتتقدم بمقدار الفكر الذي تدار به، ولم يحدث أن قامت حضارة على الفخر والركون للماضي، لقد أثبتوا أن الإرادة هي أكبر محرك لعجلة التنمية وأن التسامح هو أكبر باعث على التغيير، ادعوكم لزيارتها والاستمتاع بجمال رواندا البلد والحضارة والطبيعة والإنسان.