في يوليو الماضي أخبرنا الزميل الفرنسي وليام بولي بسعادته بتخرجه من مرحلة البكالوريوس تخصص لغة عربية، وليام هذا الشاب الذي قادته قلادة مزينة باسم «الله» في تركة جده للإسلام في مقتبل عمره، غادر منزله بعد وفاة والدته وعاش مشتتا حتى تمكن من الاستقرار، وأول ما قام به أنه أدى فريضة الحج في عام 2005، ومن هنا بدأت رحلة الشغف الذي لازمه تجاه المملكة العربية السعودية، والذي عبر عنه من خلال حساباته وتداول العديد من مقاطعه وهو يحتفل عاما بعد عام باليوم الوطني ويحمل علم المملكة ويوجه رسالة أخوية لأصدقائه السعوديين، الآن وليام يستعد للحصول على مقعد دراسي في جامعة الملك سعود ليحقق حلمه الكبير. تحدث وليام عن نقاط مهمة جعلته يفضل جامعة الملك سعود لإكمال رحلته التعليمية، رغم حصوله على قبول من جامعة فرنسية في بلده، لكن شوقه للقدوم للمملكة وعيش التجربة يفوق سهولة البقاء في أرضه، وأيضا ما قرأه عن الجامعة في السنوات الأخيرة وما حققته من إنجازات، هذه تفاصيل حقيقية استمعت إليها من وليام هذا الأسبوع حينما أخبرنا بانتظاره للبدء برحلته، وهذا حدث رغم بساطته إلا أنني أجده حدثا تعليميا يستحق الاحتفاء، بجانب تفوق جامعة الملك سعود أكاديميا وقيادتها للمشهد الأكاديمي بكل جدارة وصعودها الدائم في أحدث تصنيفات الجامعات ووصولها لأفضل 150 جامعة في العالم، فكرة أن تصبح حلما لهؤلاء الشباب الأوروبيين وأن تهوي عقولهم لها وطموحاتهم فهذا أمر مبهج، وحري بنا أن نركز جهدنا الآن على التحول المستقبلي في مفهوم «الجامعات السعودية» وتحقيق الحلم الذي يرافقني في كل مرة على جناح الطائرة في كل مرة أعود بها من لندن إلى الرياض وأنا أتساءل متى سنرى الأجانب يأتون لجامعاتنا؟ ويملأون مقاعد الطائرات القادمة لوطننا؟ متى سنفكر جديا بالعائد الاقتصادي للتعليم بطريقة أكثر جدية ونفعية؟ كم يدفع الطلاب السعوديون في الخارج؟ لماذا لا نقدم برنامجا موازيا للابتعاث والذي أعتبره أعظم برنامج تعليمي شهده المجتمع السعودي بامتياز، نحتاج الآن برنامج إيفاد ومنح دولية سنوية ومعلنة لكل الجنسيات وفي مختلف الجامعات المحلية، دعونا نفتح أسوار جامعاتنا، أستمع بأذني وأنا أكتب صوت من يتهكم وهو يقرأ هذه الأسطر! لكن لا يهم لأن هذا ما سيحدث في ظل رؤية 2030. لتكن جامعاتنا قبلة للدارسين، ووطننا الذي هو قبلة العالمين أجدر بهذا الشرف، شرف العلم والدين والمكان؛ فموقع المملكة الجغرافي أيضا سيسهل قدوم هؤلاء الطلبة، نحن لا نريد فقط هنا أن نغير الصورة الذهنية التي يتداولها عنا العالم بأننا لا نمتلك إلا المال! بل نحن نمتلك العلم والصحة والحياة الراغدة، وأفضل طريقة لتوصيل رسالتنا للعالم هو أن نجعلهم يطمحون للتعلم هنا وأن نستفيد استفادة عملية من جامعاتنا العديدة والمتنوعة خاصة إذا تم إقرار نظام التعليم الجامعي الجديد فإن أول خطوة لتوفير رافد مالي هو فتح التسجيل لغير السعوديين أسوة بالجامعات العالمية، فبريطانيا وحدها حققت أكثر من 25 مليار جنيه إسترليني للاقتصاد فقط من اقتصاد الطلبة الدوليين، موزعة بين «الرسوم الدراسية، الإقامة والسكن، السلع والخدمات، دعم الوظائف، الزيارات الأسرية لهم والترفيه والفنادق»، وبهذا قدمت هذه الإيرادات ميزانية ضخمة، وهذه المعلومات نشرت في تقرير حديث في سنة 2017 بعنوان «الطلبة الدوليون يعادلون 25 مليار جنيه للاقتصاد البريطاني»، نعم التعليم قادر على صناعة المستقبل متى ما أحسنا التوظيف. * كاتبة سعودية [email protected]