في الحياة نحن في سباق دائم مع طموحاتنا وأهدافنا واحتياجاتنا التي لا نهاية لها، فلكل منا هدف يسعى لتحقيقه بغض النظر عن مدى جودة هذا الهدف أو صلاحيته، المهم أنه يشكل هاجسًا بالنسبة له، ويعيش في صراع دائم من أجل الحصول عليه أو الصول له. تختلف الأهداف من شخص لآخر، فعلى سبيل المثال هناك من نذر حياته لطلب العلم فهو غارق في بحور العلم والمعرفة، وآخر يبحث عن عملٍ يرضي طموحه وأحيانا غروره كي يصل إلى مرحلة من الاستقرار يستطيع من خلالها أن يحقق الأمان لنفسه ولمن يعول، وآخر يركض في جميع الاتجاهات من أجل تأسيس مشروع العمر الذي طالما حلم به، فيفتتحه ويحقق نجاحًا ساحقًا وباهرًا فيه، ولكنه يظل بائسًا وغير راضٍ عما حقق وأنجز. آخر يقضي جل عمره في تجارب عاطفية فاشلة من أجل الحصول على شخص مناسب يصحبه في رحلة العمر فمحور حياته هو (الشريك) الذي يظل يبحث عنه في كل الوجوه التي يصادفها، ولكن في كل مرة تخيب آماله، وغيرها من التجارب التي تفقد الإنسان قدرته على مواصلة الحياة براحة بال واطمئنان. فلا فائدة من كل ما مضى إذا استيقظت يومًا وشعرت أنك تفتقد لأهم المقومات التي تعينك على الوصول وهما (راحة البال والرضا)، فكل وصول لا يحتوي على هذين الأمرين ناقصٌ ومملوءٌ بفراغٍ وضجيجٍ غير مبرر، يفقده القدرة على رؤية جمال المراحل التي وصل إليها، ويحجب عنه كل نور يصله منها، لا شيء سوى العتمة. يمر العمر فلا أنت استمعت بما في يديك ولا أشركت من تحب جمال مراحلك، بل كان وجودك بالقرب منهم مصدر للقلق لا أكثر ولاأقل. ركز فيما بين يديك واقنع بما لديك وحاول أن تخفض هذا الضجيج حتى تصل إلى مرحلة من السكون والهدوء، فالصور لن تتضح إلا إذا سكنت روحك، وستجد أن كل رغباتك وأحلامك وطموحاتك تجلّت لك في هذا الوقت، وستجد أيضًا أنك بدأت تتعايش مع هذه المرحلة بانسجام يريك الأشياء على حقيقتها ويعينك على حل عقدها دون أن تفقد راحة بالك التي هي الأساس الذي سيوصلك لكل أحلامك وأهدافك بهدوء واستمتاع.