ستظل أرامكو السعودية في عيون أبناء جيلي مزيجاً من السحر والخيال والعبقرية والعزة والكبرياء، ستبقى مرآة تعكس نهضتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، عاداتنا وتقاليدنا.. معالمنا الآثرية.. أحلامنا الكبيرة التي زرعناها على مدار 9 عقود.. وما زلنا نحصد فيها حتى الآن. أرامكو ليست مجرد شركة نفط تنتج ملايين البراميل يومياً، وتهيمن على ربع الاحتياط العالمي، إنها مصدر الحضارة والفرح لدى الكثير من السعوديين، وفرت لنا ولأبنائنا وأحفادنا الرفاه الاقتصادي، ولعبت دوراً كبيراً في حفظ ذاكرتنا منذ انطلاقتها في المنطقة الشرقية بأربعينات العقد الماضي، ومع انتشارها في شتى أنحاء المملكة، حولت رحلة البحث عن النفط إلى رحلة لاكتشاف الحضارة والتطور والتنمية، وباتت شريكاً أساسياً في كل نجاحات الوطن. تذكرت هذه الكلمات وأنا أتابع صفقة القرن الاقتصادية محلياً التي ستستحوذ بمقتضاها أرامكو على 70% من أسهم شركة سابك عملاق البتروكيمياويات السعودي، وقيامها من خلال إحدى الشركات التابعة لها (صدارة) بإنشاء أكبر تجمع صناعي للبتروكيماويات في العالم وإطلاق 26 مصنعاً. مخطئ من يتصور أن الصفقة التي ستوفر ما يزيد على 262 مليار ريال لصندوق الاستثمارات العامة السعودي لها أبعاد محلية فقط.. بل تحمل الكثير من الدلالات والمؤشرات للاقتصاديين والخبراء في العالم بأسره.. فالانتهاء من الحصول على نسبة ال70% من سابك يعني تأجيل الطرح الأولي لأسهم أرامكو بالسوق العالمية إلى 2020.. في الوقت الذي تنتظر فيه كبريات الشركات العالمية الطرح الذي لن يتجاوز في مرحلته الأولى 5% من الأسهم. ستعزز الصفقة موقع أرامكو التنافسي في زيادة الابتكار وتعميق سلسلة التصنيع إلى المنتجات المتخصصة عالية القيمة، وتحقيق أعلى قدر من القيمة المضافة على كل برميل نفط وكل قدم قياسية مكعبة من الغاز تنتجها الشركة.. فقد أكد أمين الناصر الرئيس التنفيذي للشركة أن الصفقة تتيح فرصاً كبيرة للتكامل مبنية على نقاط القوة المميزة، فضلا عن تخفيض توجه أرامكو لتنمية قطاع الكيمياويات من مخاطر تغير أنماط الطلب في قطاع النقل على المدى البعيد، خصوصاً أن الشركة السعودية العملاقة تملك مشاريع كبيرة في الهند وماليزيا ولديها استثمارات مع شركة موتيفا المستقبلية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. الأمر -في رأيي الشخصي- لا يعدو مجرد صفقة اقتصادية مدوية.. بل فرصة حقيقة لشركتنا الوطنية الأولى «أرامكو» حتى تستعرض قوتها ومكانتها التي تستحقها على الصعيد الدولي، وتؤكد أنها الأكثر جذباً للأضواء والاهتمام بقوتها الضاربة في أعماق الزمن والمؤثرة بشكل لافت في المنطقة، وهي فرصة أيضاً لزيادة قيمتها السوقية التي قدرها خبراء في وقت سابق بأكثر من تريليوني دولار. لقد كان أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو شفافاً وأميناً وهو يؤكد أن شراء حصة في شركة كيماويات مثل سابك يؤثر إيجاباً على عوائد أرامكو، وأنه وفريق عمله من الخبراء السعوديين الذين يعدون مفخرة للوطن يبحثون كل الفرص الاستثمارية المتاحة على الصعيدين الوطني والعالمي لتنمية أعمالها في مجال الكيميائيات، بما يتوافق مع إستراتيجياتها. إنها أرامكو العملاقة التي ساهمت في تشكيل وجداننا صغاراً.. وقادتنا نحو الرفاهية والتنمية والتطور كباراً.. ستبقى -وإن طال السفر- ملاذاً آمناً لتحقيق الكثير من أحلام أبناء هذا الوطن.