فصل آخر وأخير من مسيرة الكاتب والمسرحي محمد العثيم أُسدلت ستارته أمس، حين ترجل عن مسرح الحياة ومضى إلى الأبد في خلسة من محبيه وجمهوره الذين صفقوا له كثيراً وترقبوا عودته، لكنه آثر أن يغادرهم هذه المرة فجأة وقد وارى ألمه خلف صورة غاية في التفاؤل ومشهد سامق في الإقناع. ساعات قليلة بين تغريداته الأخيرة وبين نعيه عبر حسابات محبيه، حملت دلالة غاية في النبل كانت كفيلة بتأبينه، كيفما يليق به كاتباً وطنياً واجتماعياً أنيقاً ومناضلاً مسرحياً شجاعاً، لم يشح بأفكاره أو يتأخر بنقده أو يحبس رأيه في أحلك الأيام وأقسى الظروف. العثيم الذي خطفه الموت أمس بعد أن أنهكه المرض، مسرحي بارع نهوم بالمعرفة وشغوف بالكتابة، نال درجة الماجستير في الصحافة المطبوعة من جامعة ولاية كلفورنيا 1985، قبل أن يعود للعمل محاضراً في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود في الرياض. أمضى قرابة 35 عاماً في الكتابة الصحفية، ويحمل سجلاً أرشيفياً حافلاً بالأعمال التلفزيونية، حصل على براءة الاستحقاق الأولى من جائزة أبها الثقافية عن نص مسرحية «الهيار». ما انفك يصنف نفسه كائنا قابلا للصداقة، معلياً شأن المحبة والتعايش مع الجميع، بما فيهم المختلفون معه، وعبر عن نفسه بأنه يحترم مفاهيم العقل بمعناه الأوسع. صدرت له أربعة كتب مختلفة في الشأن المسرحي والمعرفي، كتب عددا من المسرحيات، التي مثلت في جامعات الملك سعود والملك عبدالعزيز والملك فهد للبترول والمعادن، والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون على المستوى الخارجي والمحلي، صدرت له أربعة كتب، ثلاثة في المسرح والنقد، والرابع رواية وبلغ عدد مسرحياته 45 ومسلسلين. قال عنه الزميل صالح الفهيد عبر «عكاظ» محمد العثيم.. اسم لازمنا لسنوات، كان معنا تقريبا في كل مكان جميل، كان موجودا في الشعر وفي المسرح وفي الصحافة وفي التلفزيون، يجيء إلينا تارة كأغنية، وطورا كمسرحية، وقصة ورواية وحكاية من أعماق البيئة النجدية، إذ لبيوت الطين رائحة لا تزال تلتصق بأجسادنا ونشعر بها بحواسنا الخمس، كان موجودا في كل مكان وفضاء واعد. وعلق الدكتور عبدالله الغذامي على رحيله بالقول «ترك آثارا عميقة في جيل من طلبة الإعلام مع رياداته في المسرح كتابة وتأصيلا وإبداعا، وكل جلسة معه كانت ثراء معرفيا ووجدانيا وإبداعياً». وقال عنه الكاتب المسرحي رجا العتيبي: شغل العثيم المسرح سنين مديدة حتى وفاته، تعلمنا منه الكثير سيظل أيقونة مسرحية سعودية لا تنسى أبدا، كتب عنه عبدالعزيز العيد «عانى العثيم من الأمراض ما الله به عليم، ولكنه بقي مؤمناً مؤملاً بمشروعه الوطني في النهوض بالمسرح الذي كتب له مايقارب 40 نصاً، وظل حتى أواخر حياته متفائلاً وداعاً أبابدر العزيز». انتصر العثيم على المرض الذي قاومه، واختار أن ينام في لطف الله ويرقد بسلام، ويورث لنا، للمسرح، للإعلام سيرة عظيمة خالدة في الذاكرة.