ودعت الأوساط الثقافية والإعلامية الكاتب والناقد المسرحي محمد عبدالله عثمان العثيم، الذي وافته المنية، ووري جثمانه مساء أمس، ثرى مقبرة النسيم بالرياض بعد مشوار تجاوز الأربعين عامًا، تنوع عطاؤه ما بين الأكاديمية والتأليف المسرحي والكتابة الصحفية والشعر والمشاركة في الحياة الثقافية والفنية التي كان آخرها في مايو الماضي، حين احتفى نادي الطائف الأدبي بالتعاون مع فرع جمعية الثقافة والفنون بالرياض، عبر منتدى (أبو الفنون)، بحفل توقيع كتاب (الأعمال المسرحية الكاملة) للكاتب محمد العثيم، كآخر فعالية ثقافية عامة شارك فيها الراحل الكبير الذي كرمه خلال الحفل كرسي الدكتور غازي القصيبي نظير ما قدمه للمسرح السعودي، كما تخلل الحفل عددا من الأغنيات لكل من الفنانين حسن خيرات وعبدالعزيز حمد الطيار، اللذين قدما عددا من الأغاني التي كتبها العثيم وتغنى بها عدد من الفنانين. اللقاء الأخير قال الكاتب والمسرحي عضو مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي عبدالعزيز عسيري، الكاتب الكبير محمد العثيم رحمه الله، منح نادي الطائف شرف طباعة أعماله المسرحية، في مبادرة تهدف للحفاظ على تراثنا الأدبي المسرحي ليكون مطروحا للباحثين والمختصين، وللتعريف بجانب مهم في المشهد الوطني الثقافي، إضافة لتكون دعوة لرموزها بالاستمرار في الكتابة خدمة لوطننا، كان معنا في حفل التوقيع، ولم يدر بخلد أحد أن تلك المناسبة ستكون الحضور الأخير له في المشهد الثقافي، ولكنه سيبقى خالدا في ذاكرة المسرح والدراما السعودية.
توظيف الأسطورة يعتبر العثيم أحد القامات المسرحية، التي كانت تسعى للتأطير الأكاديمي للحركة المسرحية السعودية، وكان أحد المؤسسين لشعبة المسرح بجامعة الملك سعود، إضافة إلى تأسيسه عددا من ورش العمل، بهدف تأهيل الكوادر المسرحية وصقل مهارات الممثل المسرحي، إضافة إلى اشتغاله عبر النصوص التي رأى النقاد أنها تصنف ضمن المسرح الجاد الذي يميل للشعبية وتوظيف الأسطورة، لتتميز أعماله أسلوبا ولغة وشاعرية. وهنا يستشهد الكاتب عادل الحوشان بعمله أحلام سلوم وهي مسرحية تلفزيونية، تحكي قصة الشاب البسيط «سلوم» ناصر القصبي ومعاناته في قصة حبه لسويّر اللي مو عارف يتجوزها بسبب وضعه المالي المتأزم»، التي انتجت عام 1986، وأخرجها عامر الحمود.
هشتاق حزن وطني شهد رحيل العثيم حزنا وطنيا كبيرا، ظهر جليا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبر هاشتاق #محمد_العثيم_إلى_رحمة_الله. حيث قال الدكتور عبدالله الغذامي، إنا لله وإنا إليه راجعون، تغمده الله بواسع رحمته ورضوانه، صديق عزيز ووفي ونبيل، ترك آثارا عميقة في جيل من طلبة الإعلام، مع رياداته في المسرح كتابة وتأصيلا وإبداعا، وكل جلسة معه كانت ثراء معرفيا ووجدانيا وإبداعيا. وقال الكاتب عبدالله الكويليت، آخر تغريدة له قبل 17 ساعة، كان يكتب ويناقش حتى الساعات الأخيرة في حياته. آمن بالمسرح بكل جوارحه، كتب فيه وقاتل من أجله. أتمنى على وزيرالثقافة تسمية أحد المسارح باسمه؛ فهذا أقل تكريم يستحقه. وقال الفنان الممثل عبدالإله السناني ترجل فارس المسرح السعودي تاركا خلفه أعمالا خالدة ومحبة جارفة وبسمة مستدامة. رحل رائد المسرح والشعر والأدب الذي غاص بنا في بحر المسرح ليعيد اكتشافه معنا. رحم الله الأستاذ محمد العثيم رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. وذكر الفنان ناصر القصبي، رحمة الله عليك يا محمد، عاش مهموماً بالمسرح قربتنا سنوات الشباب وأبعدتنا وجهات النظر، رحمك الله وأحسن إليك. فيما قال المسرحي رجا العتيبي شغله المسرح سنين مديدة حتى وفاته، تعلمنا منه الكثير، أيقونة مسرحية سعودية لا تنسى أبدا. وقال الدكتور ناصر الحجيلان رحم الله فقيد الوطن محمد العثيم وأسكنه فسيح جناته. خالص العزاء لأهله ومحبيه، فقد كان فناناً حقيقياً ساهم في تشكيل خارطة الثقافة السعودية ببعديها الشعبي والرسمي من خلال أعماله المسرحية والشعرية والفنية وحضوره المتميز في الندوات واللقاءات النقدية. وقال الدكتور سعد البازعي، الرجل الذي جعل المسرح ثقافة والثقافة مسرحا للإبداع يرحل إلى بارئه فله جنات النعيم بإذن البارئ ولنا إرثه الذي ما يزال ينتظر ثقافة تنهض به. ما عرفت محمد العثيم إلا خلوقا متواضعا ومعطاء.
محمد عبدالله عثمان العثيم * ولد في (بريدة) عام 1368ه * نال دبلوم معهد المعلمين في بريدة وحصل على الثانوية العامة عام 1392/1393ه * حصل على بكالوريوس الصحافة من جامعة الملك سعود بالرياض عام 1398ه * نال ماجستير صحافة مطبوعة من جامعة ولاية كاليفورينا في (فرزنو) عام 1984م