يتجه القطاع الخاص في الفترة المقبلة ليكون أكثر قوة ومتانة، خصوصا إذا نجح في إعادة هيكلة برامجه وخططه بطريقة مرنة تسمح له بالاستدامة ومواصلة التقدم، ستبقى الكيانات الأصيلة التي تخدم الوطن وأبناءه وتساهم في رفع مستوى الجودة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية الرئيسية للوطن، ولن تتأثر إلا القطاعات الهشة. ستدرك الكثير من الشركات والمؤسسات أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة ستكون أشبه ب«الدواء الصعب» الذي نتعاطاه من أجل التعافي والقضاء على الآلام بشكل نهائي، وستمضي حكومتنا الرشيدة في سعيها لجعل أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة شركاء في تحقيق «رؤية المملكة 2030»، استناداً إلى أهداف «برنامج التحول الوطني 2020» في تمويل القطاع الخاص ل 40% من مبادرات البرنامج التي يفوق عددها 540 مبادرة. وستبقى الشراكة بين القطاعين العام والخاص أحد المكونات الرئيسية لبرنامج التحول الوطني، في ظل حرص الدولة على انتعاش ونمو سوق العمل ليقوم بدوره على أكمل وجه، وليس أدل على ذلك من الأمر السامي الذي صدر في الشهور الماضية بالموافقة على خطة تحفيز القطاع الخاص ب72 مليار ريال. وستعمل الدولة على تقوية القطاع الخاص حتى يقدر على رفع مساهمته في الناتج المحلي من 40% حالياً إلى 65% بحلول 2030، بعد أن ظل على مدار السنوات الماضية يسهم بنسبة 20% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وهي نسبة تعد ضئيلة مقارنة بالدول المتقدمة اقتصادياً، والتي قد تصل فيها النسبة إلى 70% إضافة إلى مساهماتها الكبيرة في خلق الوظائف. ويغمرني كثير من التفاؤل بأن يسترد هذا القطاع الحيوي عافيته، ويؤكد صلابته على تجاوز التحديات وقدرته على النهوض بقوة، ليصبح شريكاً رئيسياً في تحقيق النمو الاقتصادي، في ظل المبادرات التي أطلقتها حكومتنا الرشيدة لتحقيق نهضة حقيقية، ينتظرها جيل جديد من أبنائنا، يتطلع إلى العيش في مجتمع ذكي ومدن حضارية لم تلوثها الأحياء العشوائية. لا ننكر أن قطاع التجزئة والخدمات العامة ربما يكون واجه بعض المصاعب مع الاستغناء عن عدد كبير من العمالة الأجنبية في العامين الماضيين، لكن علينا أن ندرك أن أبناءنا سيكونون المستفيد الأكبر من هذه الإجراءات، حيث ستفتح أمامهم آلاف الفرص الوظيفية، وستدفعهم إلى العمل في مهن كانوا يرفضونها في وقت سابق. علينا أن نعترف أن أمام القطاع الخاص تحديات صعبة لم يشهدها على مدار عقدين من الزمن، وبدأت بعض الشركات والمؤسسات في اتخاذ إجراءات احترازية وبناء خططها بشكل مختلف، بعد أن باتت مطالبة بتوطين الوظائف بصورة لا تنفع معها المواربة أو «السعودة الوهمية» التي لجأ إليها البعض -للأسف- في فترات سابقة، الأمر يحتاج إلى إرادة صادقة لمساندة الدولة في كل الخطوات التي تتخذها من أجل إعادة هيكلة سوق العمل بصورة تسمح بخلق أكثر من مليوني وظيفة لأبنائنا، وتقضي على معدلات البطالة التي وصلت إلى نسبة 12%. مصالح الوطن لا تقبل التسويف أو التأجيل.. وما تقوم به الدولة من تعديلات هيكلية سيكون لها أثر إيجابي كبير في السنوات المقبلة.. علينا أن نتحلى بالكياسة ولا ننظر تحت أقدامنا.. قليلاً من الصبر.. وكثيراً من الإرادة.