كشفت مصادر ل «عكاظ» تقديم أعضاء الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان، الدكتور فيصل آل فاضل، وعطا السبيتي، توصية جديدة تقضي بتمكين الكفاءات النسائية الحاصلة على التأهيل الشرعي والقانوني من تولي الوظائف القضائية. جاءت تلك التوصية ضمن تقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بشأن التقرير السنوي لوزارة العدل للعام المالي 1437ه -1438، حيث رأى مقدموها أنه على وزارة العدل، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء، العمل على تمكين الكفاءات النسائية الحاصلة على التأهيل الشرعي والقانوني من تولي الوظائف القضائية. واكدت المصادر أن مقدمي التوصية برروا توصيتهم بتوافر كفاءات نسائية شرعية وقانونية لديهن الجدارة الكاملة لتولي الوظائف القضائية، ووجود نقص في عدد القضاة، مع توافر الوظائف القضائية الشاغرة. ورأوا أن الاستمرار في عدم تمكين المرأة من الالتحاق بالسلك القضائي لا ينسجم مع رؤية المملكة لعام 2030 التي من أهم أهدافها تمكين المرأة واستثمار طاقاتها، وقد حان الوقت لإتاحة الفرصة لها لتولي القضاء ودخولها إلى هذا السلك الحيوي، لافتين إلى أن النيابة العامة فتحت الباب أخيرًا لتعيين المرأة على وظائف ملازم محقق، ومن المعروف أن النيابة العامة تعتبر جزءا من السلطة القضائية في مفهوم الدولة الحديث. واشاروا الى أن شيخ الأزهر الدكتور محمد طنطاوي أفتي عام 2003 بأنه «لا يوجد نص صريح قاطع في القرآن الكريم أو في السنة النبوية يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء»، وهي الفتوى التي ترتب عليها مباشرة تعيين د. تهاني الجبالي بمرسوم رئاسي قاضية في المحكمة الدستورية العليا بجمهورية مصر العربية. كما أكدوا أن المرأة بلغت منصب القضاء في معظم الدول العربية والإسلامية، وأثبتت تفوقاً ومهارة كبيرة في هذا المجال، ففي المغرب وتونس والجزائر والسودان عملت المرأة قاضية منذ ستينات القرن الماضي. وفي الأردن تم تعيين أول قاضية عام 1996، وفي مصر تولت المرأة القضاء منذ عام 2003، وفي البحرين منذ عام 2006. ووصلت نسبة العنصر النسائي في السلك القضائي إلى أكثر من 70% في بعض الدول كفرنسا. خلاف مشهور وقالت المصادر إن توصية الاعضاء الثلاثة استندت إلى رأي أحد أبرز الباحثين السعوديين المهتمين بالدراسات والأنظمة القضائية، وممن عمل في القضاء لأكثر من 20 عاماً، وهو الشيخ الدكتور ناصر بن زيد بن داود، الذي أشار إلى أنه ومن خلال استعراض الشروط المذكورة في كتب الفقهاء لم يجد شرطاً واحداً سالماً من الخلاف أو من الاستثناء، حتى أن اشتراط الإسلام كما ذكر في تنصيب القاضي، وإن كان لازماً في مجتمعنا اليوم، إلا أنه غير لازم في سائر المجتمعات بحسب أحوالها، كما أنَّ تحقيق العدالة لا يتوقف على وجوده، والخلاف في تولي المرأة للقضاء، وتفصيل ذلك مشهور في كتب الفقهاء. كما ذكر مقدمو التوصية أن الفقهاء قديمًا ناقشوا تولي المرأة للقضاء، وأن ما ورد فيه من أقوال ما هي إلا أقوال اجتهادية، والمسائل الاجتهادية عادة ما تخضع لتغير الزمان والمكان وما تقتضيه المصلحة العامة. وذكروا أنه لا يوجد في الشريعة نص قطعي يحرم المرأة من ممارسة القضاء، وأن الشريعة قررت مبدأ الولاية المتبادلة بين الرجل والمرأة في سائر شؤون الحياة، لقوله تعالى في محكم تنزيله «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله». وأكد الأعضاء الثلاثة أن نظام القضاء السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428، لم يشترط الذكورة في من يتولى القضاء، إذ نصت المادة (31) من النظام على أنه (يشترط في من يولى القضاء: أ/ أن يكون سعودي الجنسية بالأصل، ب/ أن يكون حسن السيرة والسلوك، ج/ أن يكون متمتعا بالأهلية الكاملة للقضاء بحسب ما نص عليه شرعا، د/ أن يكون حاصلا على شهادة إحدى كليات الشريعة بالمملكة أو شهادة أخرى معادلة لها، بشرط أن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان خاص يعده المجلس الأعلى للقضاء، ه/ ألاّ تقل سنه عن 40 سنة (إذا كان تعيينه في درجة قاضي استئناف) وعن 22 سنة (إذا كان تعيينه في إحدى درجات السلك القضائي الأخرى)، و/ ألا يكون محكوماً عليه بجريمة مخلة بالدين أو الشرف، أو صدر في حقه قرار تأديبي بالفصل من وظيفة عامة، ولو كان قد رد إليه اعتباره). واستند مقدمو التوصية على انضمام المملكة إلى العديد من المواثيق الدولية التي لا تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق بما فيها حق تولي الوظائف العامة، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو» (1979)، المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقراريها رقم 40/32 في عام 1985، ورقم 40/146 عام 1985، التي تنص على أنه (لا يجوز عند اختيار القضاة أن يتعرض أي شخص للتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس..)، الميثاق العربي لحقوق الإنسان (2004)