يكشف المشهد اليمني بكل تفاصيله حالة التناقض الفاضح لدور الأممالمتحدة في الأزمة ليس من الآن فحسب بل منذ البدايات عندما عهدت بملفها إلى المغربي جمال بنعمر ثم الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأخيرا البريطاني مارتن غريفيث. وخلال السنوات الأربع من عمر الأزمة، فضحت الأطروحات والأفكار التي قدمها مبعوثو المنظمة الدولية ارتباكها وتناقض أدوراها، إلى الحد الذي دفع مراقبين سياسيين إلى اتهامها بالتواطؤ لصالح الانقلابيين وضد مصالح الشعب اليمني. ولعل مسارعتها اليوم إلى طرح الانسحاب من الحديدة مع اقتراب الشرعية من تحريرها، ومطالبة الحوثيين بتسليمها وهو المطلب الذي نادى به التحالف العربي بقيادة السعودية أكثر من مرة إلا أنه لم يجد آذانا صاغية، يفضح مجددا التناقض في المواقف وهو ما فسره سياسيون يمنيون بأنه يمثل انحيازا سافرا من شأنه خلط الأوراق وإرباك المشهد مع اقتراب الحسم العسكري ودحر الانقلاب. وعلمت «عكاظ» من مصادر مطلعة في صنعاء، أن غريفيث أبلغ الميليشيات بسرعة تنفيذ مبادرته القاضية بتسليم الحديدة ومينائها قبل اجتماع مجلس الأمن يوم 18 من الشهر الجاري. ومن المتوقع أن يعرض غريفيث أمام المجلس الإطار العام لحل الأزمة، وطلب دعمه لإطلاق المفاوضات بين الشرعية والانقلابيين على خلفية المرجعيات الثلاث المعروفة. وكشفت المصادر أن غريفيث تلقى موافقة الحكومة الشرعية على فتح مطار صنعاء الدولي بعد عودة موظفيه الأساسيين والشروع في إجراءات تسليم المرتبات بناء على كشوفات عام 2014 فور استلام الأممالمتحدة للحديدة ومينائها وسحب المسلحين منها بشكل كامل، وعدم التدخل في شؤونها. وأشارت إلى أن المبعوث الدولي طلب من الحوثيين سرعة الموافقة على تلك الأطر الأولي للسلام بشكل سريع بما يؤدي إلى بدء تنسيق المرحلة الثانية التي تتمحور حول بناء الثقة والمتمثلة في تبادل الأسرى وإبرام هدنة طويلة وتحديد موعد لعقد جولة مفاوضات. وأكدت المصادر أن الخيار العسكري سيكون هو الحاسم حال رفض الميليشيا لخطة غريفيث. وقد ناقش المبعوث الأممي أمس الأول، مع قيادة حزب المؤتمر التي تعيش تحت الإقامة الجبرية في صنعاء، طبيعة مشاركة أعضاء الحزب في أي عملية سياسية قادمة خصوصاً الموجودين في الخارج. وكشف مصدر في حزب المؤتمر ل«عكاظ»، أن الميليشيات اعترضت على طرح ضم قيادات حزب المؤتمر في الخارج للمفاوضات، مشددة على ضرورة أن يكون أعضاء المؤتمر المشاركون من الشخصيات التي ترشحها الميليشيات.