قطعنا شوطاً كبيراً موفقاً في شأن محاربة الفساد والفاسدين، يكفي منه ما حدث من رعب في قلب الفاسد صغيراً وكبيراً بعد أن رأى الفاسد الكبير يحاسب ولا تحول دون محاسبته أي نوع من الحصانة (كائنا من كان). (نزاهة) مستمرة في عملها بهدوء وثبات وجدية واستمرارية تخيف كل من في قلبه مرض وتوجع بطن كل من أكل نياً. هذا في ما يتعلق بالفساد المالي والإداري وسوء استخدام السلطة. بقي علينا أمر مهم لابد أن تبدأ مراجعته في أسرع وقت ممكن وعلى مستوى هيئة مستقلة متفرغة متخصصة، ألا وهو مراجعة المؤهلات ولتكن البداية الأهم بمراجعة تناسب المؤهل مع المنصب. لدينا مناصب كثيرة يشغلها غير مؤهل لا علمياً ولا تخصصاً ولا خبرات ولا قدرات، وربما كان تقلده للمنصب بحكم ترشيح من رئيس لا يخلو من هوى نفس أو تحيز أو محاباة أو قرابة أو مصاهرة وجميعها تصب في حوض واحد هو حوض الفساد. سبق أن كتبت أن الفساد ليس مالياً فقط، وهو كذلك ليس مالياً فقط، فثمة فساد إداري وفساد حتى في ترشيح الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، والمرأة غير المناسبة في مكان ليست كفؤا له، وكلاهما بحكم المؤهل والتخصص والقدرات والخبرات لا يليق بالمكان الذي عيّن فيه. مراجعة المؤهلات والخبرات والسيرة الذاتية ستكشف أن أحد أسباب تخلف كثير من الجهات يكمن في تولي أمرها من قبل غير كفء رشح لعلاقة شخصية وسيؤدي كشف هذا الفساد إلى إصلاح حال كثير من الوزارات والجامعات والمؤسسات والإدارات فتلحق بركب التطور السريع. سيعود الطبيب لعيادته والصيدلي لصيدليته أو مصنعه الدوائي والمهندس لتخصصه الضيق والمحامي لمجاله القانوني وسيتولى القائد الإداري المؤهل قيادة ركب إدارات ومؤسسات وأقسام عانت من غياب القائد الإداري الكفء، وسيتولى الجامعات وكلاء وعمداء يجمعون بين المؤهل الأكاديمي والخبرة الأكاديمية الطويلة والقدرات الإدارية المبنية على سابق تجربة وليس مجرد ترشيح صديق.