لا يستطيع من يستمع إلى تلاوته للقرآن الكريم إلا أن يطرق وكأن على رأسه الطير، يملك وقار تجويده وقراءته للكتاب رتماً واحداً يجعل شعور المنصت للآيات بصوت الشيخ علي جابر يصل إلى أقصى مراحل الخشوع والسكينة والتدبر لآيات تخرج من حنجرة كأنها أحد مزامير داوود. وعلى رغم أن إمامته للحرم المكي لم تتجاوز ال9 أعوام، والتي بدأها الشيخ علي جابر منذ أن كان يبلغ 27 عاماً، إلا أنه استطاع أن يحفر اسمه بتلاوته في صفحة أئمة الحرم المكي، وصوتاً لا يزال رجعه يبلغ حدود السماء، بعد أن جاءت إمامته للحرم المكي بطلب من الملك خالد رحمه الله، في العشر الأواخر من العام 1401. أستاذ الفقه المقارن الذي اعتذر عن العمل قاضياً في محكمة ميسان، والرقابة على القضاة، مطلع القرن الهجري الجاري، مرجعاً ذلك إلى الحديث النبوي «القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة»، بدأ مشواره في الإمامة من مسجد الغمامة في المدينةالمنورة العام 1394ه، بعد أن سكنها منذ أن كان في ال5 من العمر. ويحمل الشيخ الراحل شهادة الدكتوراه في الفقه المقارن عن رسالته «مضمون فقه القاسم بن محمد ابن أبي بكر»، الأمر الذي مكنه من العمل محاضراً في قسم الدراسات الإسلامية واللغة العربية بكلية التربية في المدينةالمنورة، التي ابعثته في العام 1404 لدراسة اللغة الإنجليزية في كندا، ليسجل خلال دراسته هناك مصحفه المرتل المذاع حالياً في إذاعة القرآن الكريم، بعد أن سجل فيديوياً في العام 1403 المصحف كاملاً للتلفزيون السعودي. ويذكر العديد من ملازمي علي جابر حرصه على مجالسة الشيخ عبدالعزيز بن باز، إبان رئاسته الجامعة الإسلامية في المدينة، إذ إن مائدة الشيخ ابن باز لم تكن تخلو غداء أو عشاء، من حضوره. وعلى الرغم من أن عملية جراحية حرمت الشيخ علي جابر من الاستمرار في الإمامة، وأرغمته على الانقطاع عن الصلاة بالناس، لملازمته منزله قبل أن يرحل في العام 1426، عن 52 عاما تاركا وراءه صوتا شجيا رتل القرآن، وما زال يصدح حتى الآن.