متربعاً على كرسيه الخشبي، حاملاً المصحف بيده اليمنى، ومستنداً بيده اليسرى على ركبته، متمايلاً إلى الأمام والخلف، بينما يتحلق الكثير من الناس حوله، في مشهد لا يكاد يمر يوم دون أن تبث حلقة منه على إحدى القنوات الفضائية، لتفسير القرآن الكريم للشيخ المصري الراحل محمد الشعراوي. ويرجع الفضل في اتساع رقعة محبي تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، إلى طريقته المبسطة والعامية، التي أوصلته إلى أكبر شريحة للمسلمين في العالم العربي، في الوقت الذي يرى الشعراوي أن تفسيره للقرآن لا تتجاوز كونها خواطر وهبات صفائية تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات. إمام الدعاة كما يحب أن يطلق عليه المصريون، الرجل الذي حاول التحايل على أبيه في طفولته للهروب من الدراسة الجامعية في الأزهر والعودة للعمل مع أخوته في المزرعة ليطلب من أبيه شراء أمهات الكتب الأمر الذي استجاب له والده مع علمه بحيلة الشعراوي، الذي أصبح وزير الشؤون الإسلامية في حكومة «ممدوح سالم» سبعينيات القرن الماضي، على الرغم من رفض الشعراوي تولي مشيخة الأزهر أرفع منصب ديني عرض عليه. بدأ الشيخ محمد عمله معلماً في المعهد الأزهري في طنطا، ثم معلماً بكلية الشريعة في جامعة الملك عبدالعزيز عام 1950، فوكيلاً للمعهد الأزهري في طنطا عام 1960، فمديراً لمكتب شيخ الأزهر عام 1962، ثم رئيساً للبعثة الأزهرية في الجزائر عام 1966، ليعود إلى جامعة الملك عبدالعزيز في جدة أستاذاً زائراً في كلية الشريعة، فرئيساً لقسم الدراسات العليا في الجامعة عام 1972، فوزيراً للأوقاف وشؤون الأزهر في مصر عام 1976. وأتاح عمل الشيخ الشعراوي في السعودية زيارات متكررة للمدينة المنورة، والتي ذكر الشعراوي في أحد لقاءاته التلفزيونية، أنه كان يتعمد المشي فيها حافياً دون نعلين مبرراً ذلك إلى خشيته أن تطأ قدماه موضعاً وطأه الرسول في مدينته. مفسر القرآن الشاعر، والذي درس اللغة العربية في الأزهر، رحل في العام 1998، عن 87 عاماً تاركاً وراءه أكثر من 70 مؤلفا، جمعت من قبل عدد من محبيه وتلاميذه، تحدثت عن الثقافة الإسلامية، وتفسير القرآن، وغيرها من المباحث الدينية التي توجت الشعراوي، حتى وصل إلى مرتبة دينية وعلمية رفيعة في عصرنا الحالي، ليرحل تاركاً مكتبة دينية مصورة ومكتوبة، ملأت أفئدة المسلمين العرب بتفسير القرآن الكريم.