الروائية الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري، أكاديمية وروائية، وقاصة وكاتبة أسبوعية في جريدة الرياض، تميزت بشغفها بالكتابة وجمال أسلوبها وعمقها الفلسفي، تعشق الفلسفة.. وتؤكد في إحدى تغريداتها «أن الكتابة قرار رأسمالي».. فهي كما تقول «لا تهزم الأمنيات إلا بأمنية أجمل منها». وكان ل«عكاظ» معها هذا الحوار السريع الذي يعرفنا عليها قليلا: • لماذا تكتب الدكتورة زينب غالباً؟ •• الكتابة هي بيتي الثاني، وهي كما ذكرت قرار رأسمالي مطعم بالأنا، فأتقاطع معها في كل طريق أسلكه ومع كل منعطف في حياتي، وفي كتاباتي أكون إنسانية المذهب، فتجد في كتاباتي فراشة تمر، وقلبا ينبض، هو شكل من أشكال الحرية والهشاشة والجمال فالحرية والأمل يتجسد في نظري على شكل فراشة وقلب. وبما أننا في مجتمعات لا تكتم قسوتها.. فأكتب عن كل ما يهرب من الزمن اليومي وعن زمن كل يوم، فأكتب عن سماء الرياض والبحرالأحمر، عن تسلق جبال الألب، أو عن معارك داعش الدامية وأكاذيب منظمات حقوق الإنسان، أحياناً أكتب عن شعب المايا وبحيرة لوتسرن، أكتب عن تأثير المدن الأسمنتية، عن العنف، الصحراء، الحروب أو أبحث في الكتابة عن صيغة للحياة التي أرجو أن نتواصل في دفعها مثل بناء سيمفوني. • بداياتك كانت في التدوين الإلكتروني وكانت مدونة «باندورا» التي أسستها في عام 2008 بمثابة كتب وليس كتابا، تنوعت ما بين القصة والرأي وغيرها حدثينا عنها. •• ثورة الإنترنت والشبكات الاجتماعية كان لها تأثير علي بالرغم من أنني بدأت بالكتابة في الصحف مبكراً قبل ذلك، إلا أن الإنترنت كانت تجربة مختلفة وما زالت بداية من المنتديات ثم الفيسبوك والمدونات والتويتر كانت لها لذة خاصة وبريق جميل حيث التفاعل السريع مع القراء يحفز المخيلة ويكسر حاجز الخوف من النشر. وقد كانت لي تجربة في التدوين حيث أنشأت مدونة (باندورا) واخترت اسم باندورا لأنها كما تقول الأسطورة الإغريقية معناها (المرأة المانحة)، بالنسبة لمدونتي هي كتابة مفتوحة، وطبيعتها تحتوي على قصص غير منشورة، وميزة التدوين أنه يتواكب مع الأحداث مثلا (الأعياد، المناسبات، الحوادث غير المتوقعة) سرعة النشر والتعبير عن المشاعر هو ما يميزها والأهم هو سقف الحرية العالي في الكتابة الذي لا أجده في الكتابة في الصحيفة. ولم أنشر الكثير مما كتبته في مدونتي باندورا لأن بعض الأحداث أو القصص لها عمر زمني محدد ينتهي بانتهاء المناسبة. • تميزت كتبك وكتاباتك بأسماء مختلفة وبعناوينك المختلفة والمثيرة حدثينا عنها. •• هذه أتركها لذائقة القارئ، فأنا أكتب العنوان حسب إحساسي وحالتي في تلك اللحظة، وحسب الرسالة التي يحملها ذلك الكتاب، قال لي أحد النقاد «كتبك غالباً ما تكون قصة بحد ذاتها»، فأنا أكتب العنوان لا شعوريا أقرأ افكاري بعيدا عن كوني قاصة أو ساردة، فأفاجأ حين ألقي نظرة على عناوين قصصي أنني كتبت قصة فعلاً، اختار العنوان بعناية مثل عنايتي باختيار فساتيني أسأل نفسي «هل فعلاً يعكسني هذا العنوان»؟ ما هي الذكريات التي سأحملها بعد الانتهاء من كتابة العنوان؟ غالباً أفكر بطريقة أحادية أنا والعمل فلا أفكر برد فعل القراء، لأن القارئ ذكي وبالنهاية سيختار ما كتب بصدق. • عرفينا بروايتك الجديدة «هياء». •• هياء هي روايتي الأولى، كانت تجربة صعبة ولكن ممتعة جداً، والرواية تتحدث عن جيلين مختلفين، ولكن عالقين بنفس المشاعر الحب والكراهية والفقد.. البطلة (هياء) وأمها (شيخة) عاشتا في منطقة نجد تكابدان نفس المشاعر مع اختلاف الزمن، ولم يستطع الزمن أن يمحو آثار الفجيعة والحرمان من نفسيهما فالمشاعر كثيفة ومحتدمة وتمتد حد مشاعرالصداقة ما بين (هياء) وصديقتها (منيرة) التي كانت رمزا للطهر والفرح والكفاح ولكن الزمن لا يحابي أحداً حيث تعيش (منيرة) ويلات المرض والفقد، أيضاً تتطرق الرواية للمرض النفسي بشكل سريع ولكنه أمر واقع، ومشكلة البدون، والزواج بلا حب، والوحدة و الأخوّة التي غابت شمس الحب عنها. • من تخاطبين في روايتك الجديدة؟ •• تأتي رواية هياء كشاهد على الحياة النجدية بين جيلين، مليئة بالكثير من المشاعر والقضايا الإنسانية وبطلة الرواية (هياء) تعيش حياة مرتبكة تغلفها الحيرة والتساؤلات التي لا تنتهي إلى مكان، هي شخصية قوية ولكنها مضطربة نوعاً ما تحلم كأي فتاة بأسرة طبيعية وزوج وأولاد وحياة طبيعية، ولكن في حياتها مع والدتها المليئة باليتم كونت مع والدتها (شيخة) ثنائيا إنسانيا عالق في مأزق الحياة، شخصية والدتها مكتظة بالحكمة والكثير من الرفض للحياة، أما الشخصيات الأخرى في الرواية فتتسلسل الرواية في فصول مليئة بالإثارة والكثير من فلسفة الحياة والمشاعر الإنسانية تتجاذبها شخصيات غاضبة وبعضها سعيدة رغم الألم هي شخصيات قد ترينها في عملك أو في الشارع، أو جارتك، وبالرغم من أن الزمان بين هياء وطفولة والدتها أكثر من 50 سنة مضت، إلا أن الإنسان هو الإنسان يظل يحمل تلك المشاعر التي لا ينتهي أوارها وقلقها، الأكيد أن كل من يقرأ هذه الرواية ويطلع على شخصياتها سيجد جزءا منه عالقاً فيها. • ما القيم والمبادئ والأهداف التي تحاولين إيصالها للمجتمع في روايتك؟ •• أنا لا أحاول كتابة تعليمات إنسانية فأنا لست مصلحة اجتماعية ولا أطرح نفسي كذلك، ولكني أكتب الإنسان كما هو وأتفرج عليه بين السطور كيف يواجه مصيره، أنا أشير لتلك الشخصية الغارقة بالحزن، أو الغضب، أو المرض، أنا أقول هذا هو الإنسان بكل ما فيه من مد الفرح، وجزر الزهد في الحياة. • هل تطمحين لتكتبي بأسلوب جديد؟ •• كل كاتب له أسلوبه المختلف، الأكيد أن المثابرة على القراءة ثم القراءة ثم القراءة وبعدها الكتابة هي ما يجعل من شغفك شيئا مختلف. • هل تحتكمين لآراء النقد بشكل نهائي؟ • أحتكم لكل ما يخص الرواية من حيث البناء الفني. • ما الروايات التي قرأتِها وجمعتِها في كتابك «سحر السرد» ولماذا تم اختيار هذه الروايات؟ •• بحكم أنني من عشاق الرواية وبداية قراءتي في طفولتي للروايات الأجنبية جعلني شغوفة بها، قراءة الرواية متعة كبيرة بالنسبة لي فنحن لسنا ملزمين ببناء العالم وإصلاح ما تهدم منه، ولكننا ملزمون بالبحث عن الحقيقة.. وقراءة الرواية أشبه بدخول كهف لا تعلم هل يخرج لك رجل من العصر الحجري، أم وحش كاسر، حية أو خفاش، مياه عذبة أم حجارة صلدة، فقراءة الرواية تعلمنا كيف نتجاذب مع أحداث عظيمة وقعت أو ستقع في عالم مليء بالغرابة وبعيد عن الواقع، قد تكون وظيفة لتطهير الروح باستحضار الحب والحنين والشوق، أو استشفاء للعقل وكسر صرامته وقوانينه بدخول عالم آخر قد تكون القوانين بداخله معدومة، لذلك أحببت أن أشارك قرائي في ما يروقني من روايات في كتابي سحر السرد، حيث اقرأ الرواية أنا ليس كناقدة ولكن متذوقة وعاشقة للرواية، كتبت عن 20 رواية أحببتها وجمعتها في كتاب سحر السرد لكل عاشق للروايات، وقد يكون لسحر السرد امتداد وجزء ثان وثالث فشغفي لا يتوقف عن الرواية.