فيما أن الدبلوماسية يصفها السياسيون بأنها فن تقييد القوة، إلا أن الفن والثقافة هما دبلوماسية قوية وفعالة. ولم تكن زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى الولاياتالمتحدة إلا تأكيد على أن الدبلوماسية الفنية والثقافية لها أثرها الواضح في الاتصال المباشر مع المجتمع الأمريكي دون الحاجة إلى الكلمات. وإحدى تجليات «دبلوماسية الفن» هو معرض «كلي» الذي يهدف إلى فتح النوافذ المتعددة للثقافة السعودية، إذ تسعى إلى تقديم صورة شاملة للتراث العريق للمملكة، وحضورها المتنامي في المشهد الثقافي العالمي، ودورها في بناء الجسور مع الثقافات الأخرى وبناء مستقبل أكثر إشراقاً في ظل رؤية 2030. ولطالما كان التأثير المقنع للفن خفياً، أشبه بحضور دبلوماسي أنيق ومؤثر، وبقوة قادرة على تجاوز جميع الحدود وتوثيق الصلة بين الشعوب على اختلاف ثقافاتها وحضاراتها. ومن خلال مجموعة منتقاة بعناية من أعمال الفن السعودي، بدءاً من الفن الحديث وصولاً إلى الفن المعاصر، ومن التقليدي حتى الطليعي، يتيح معرض «كُلي» للزوار والمهتمين خوض تجربة تفاعلية فريدة يلتمسون من خلالها روح المملكة. ويعدّ فن القط العسيري من الفنون السعودية الأصيلة، وهو فن تقليدي تمارسه النساء لزخرفة الجدران الداخلية للمنازل، وهو يعزز الترابط الاجتماعي بين النساء، ولا يزال حتى اليوم حياً وتمارسه العديد من النساء السعوديات في معظم المنازل في منطقة عسير. وقد أدرجت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) هذا الفنّ على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2017. وتسهم عروض الأفلام التي ستتضمنها الفعالية في تسليط الضوء على المواهب المحلية الصاعدة في هذا المجال. وتتضمن أجندة الفعالية تقديم عروض أفلام تليها جلسات نقاشية بحضور طواقم العمل، بما في ذلك أفلام «فضيلة أن تكون لا أحد» من إخراج عبدالرحمن صندقجي، و«حياة ملونة»، والفيلم الوثائقي الذي يتناول موضوع تمكين المرأة من إخراج بدر محمود وإنتاج الهيئة العامة للثقافة. وتضم قائمة الأفلام أيضاً كلاً من فيلم «القَط»، وهو فيديو حول فن القط العسيري التقليدي السعودي؛ و«كيكة زينة»، من إخراج ندى المجددي، الذي يعرض لهواية الخبازة؛ و«جليد»، الفيلم الوثائقي من إخراج عبدالرحمن صندقجي الذي يعرض تجربة أول عربيين يغوصان في القطب الشمالي، وهما السعوديان الدكتورة مريم فردوس والكابتن حسام شكري؛ و«روح الشمال»، من إخراج محمد المرحبي، الذي يوثق رحلة لمدة 4 أيام شمال المملكة العربية السعودية في مناطق ذات تضاريس مختلفة تبدأ من جدة وصولاً إلى أقصى الشمال في مدينة حقل، و«لا أستطيع تقبيل وجهي»، من إخراج علي السمين، وهو فيلم يطرح تساؤلات عن حقيقة الشهرة وصدق الأضواء في حوار مليء بتساؤلات عن الذات والمجتمع. وإضافة إلى ذلك، يتضمن برنامج الفعالية عروضاً موسيقية طوال فترة انعقاد الفعالية، تقدمها فرقة «ميزان» الموسيقية، وفقرات يقدمها طلاب سعوديون في أمريكا. كما يتضمن البرنامج عروضاً للواقع الافتراضي لتعريف الزوار بالمواقع التراثية والثقافية المتعددة في مختلف أرجاء المملكة، ومعرضاً حول الفن السعودي المعاصر، وفن القط العسيري، ومعرضاً عن القهوة في المملكة العربية السعودية.