ولد الفوتوغرافيون من رحم الفنانين التشكيليين، فكلاهما يثبّت اللحظة، ويغتال الزمن، ويفتح التأويل على مصراعيه، حتى أن القائد الفرنسي نابليون بونابرت قال إنّ «الصورة الواحدة تساوي ألف كلمةٍ»، ما لا يدع مجالاً للشك أن التصوير الفوتوغرافي يعدُّ فنّ تكثيف الكلام حد التلاشي، وتكثيف المعنى حد رؤيته. ولم يكن المصور الفوتوغرافي بندر الجلعود إلا فناناً خلّد اللحظات الملكية السعودية، والزيارات التاريخية لأجيالٍ طويلة، فتصدرت صوره الصفحات الأولى التي تعد شهادة التميّز لأي عمل صحفي، فلا تخلو صحيفة سعودية من توسّد صوره الخالدة على أديمها، فتكون البلاغة الأكثر إيصالاً للمعنى، والأقوى حفراً في الذاكرة. ولم يكن ابن بريدة، الذي يصف نفسه ب«الفوتوغرافي» في حسابه الشخصي على موقع التواصل «تويتر»، إلا محطّ اهتمام للباحثين عن المعنى، فالزوايا المبتكرة التي يقدمها أثناء اللقاءات الرسمية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ما هي إلا شهادة على قدرته على تقديم لغته البصرية في إطار اللون والتكوين والصورة، إضافة إلى البعد الجمالي. ويلعب الجلعود دوراً مهماً في صناعة الرسالة الإعلامية الأكثر دقة، فمن خلال صوره الفنية التي ألهمت الشعراء والصحفيين والكتّاب، استطاعت أن تصل بالرسالة الإعلامية إلى أذهان الناس عبر تكوين صورة جديدة للزيارات الرسمية والتاريخية، إذ إن البشر يعتمدون على البصر في النسق الإدراكي للمعاني. كثّف الجلعود رسائله في زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أخيراً، فكانت زواياه دليلاً على مهنيته العالية، وقدرته في صناعة الفارق الفني، إذ تناقلت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية التقاطاته الأكثر حيوية في صناعة «صورة واحدة تساوي ألف كلمة». وكما يؤكد الصحفي والكاتب عبدالرحمن الراشد إنه بعد سنين من التقليدية والرتابة بندر الجلعود يطور مفهوم ما وصفه ب«التصوير الملكي»، فإن التصوير عملية علمية وفنية في وقت واحد، كونه يجمع بين خصائص الفن التشكيلي في حقبة ما قبل «الكاميرا»، وما تحويه من خصائص تقنية، فقد استطاع مخلّد اللحظات الملكية، أن يجمع بينهما عبر قدرته الذاتية في إبراز ما لا يعرفه القارئ، أو يستطيع أن يصل إليه الرائي.