قبل أيام خرج وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر عبر حسابه في شبكة تويتر بعدة تغريدات، يتباكى فيها بشكل غير مباشر على اللبن المسكوب، ويحاول من خلالها إيجاد موطئ قدم لنفسه في مستقبل قطر بعد الأزمة، دون أن يدرك أن الأوان قد فات لمثل هذه المسرحيات، وأنه شخصيا من أعمدة هذه الأزمة وأسبابها. كرر «بن جبر» العبارة الشهيرة التي يرددها السياسيون الخليجيون منذ بدء الأزمة «الحل في الرياض» قائلاً في إحدى تغريداته بمسكنة غير مستغربة منه وبتغابٍ مثير للضحك: «دائماً كان الحل في الرياض عندما كانت الرياض لا تحتاج لبيان مزور باسم أمير قطر حتى تقول رأيها وتبدي غضبها الذي كان دائما يؤخذ في الاعتبار، فأهلا بالرياض وبحل الرياض متى ما كانت الرياض المعهودة لكل دول المجلس بعيدا عن المهاترات والصغائر. ما زال لدينا أمل في ذلك».. هذه التغريدة تكشف برأيي أن مدمن التآمر والسيجار الكوبي، الذي أزيح عن أضواء المشهد السياسي القطري قبل سنوات ليمارس دوره من خلف الكواليس، ما زال يحلم بالعودة إلى اعتلاء خشبة المسرح والرقص تحت الضوء، ممتطيا خطة بديلة Plan B، عبر تقديم نفسه بهذا الشكل، فهو يقول بشكل غير مباشر لمعرفته بغباء القطريين الذين لن يفهموا لغته: «أنا ما زلت هنا، وخطابي السياسي أفضل وأقل حدة من خطاب تميم بن حمد وحكومته، أنا رجل المرحلة أيتها الرياض الكبيرة»، لكنه مضطر لدس عبارة مثل «بعيدا عن المهاترات والصغائر» لذر الرماد في عيون جماعته في الدوحة، وشر البلية ما يضحك، إذ لم يبق أحد على سطح هذا الكوكب لم يتآمر عليه بن جبر، وأجزم أنه لو استطاع لتآمر على نفسه أيضا. ما لم يكن في حسبان هذا الثعلب المنتفخ بالأكاذيب أن يتم حرق خطته البديلة بصفعة سريعة وتغريدات معدودة من «سعود القحطاني»، الذي لم يمهله وقتا لالتقاط أنفاسه وإكمال دوره الدرامي على مسرح العصفور الأزرق. عمد القحطاني بكل رصانة ودقة إلى تعرية بن جبر تماما أمام العالم، محولاً إياه إلى «نكتة الموسم» من خلال سرد الحقائق.. و(الحقائق فقط) فهي أكبر وأوضح من أن تُغطى بتغريدة بكائية عابرة تتسول السعودية بلغة رمادية ركيكة، ولو كنت مكان بن جبر لأغلقت حسابي التويتري وشتمت نفسي وعدت إلى ملعبي خلف الكواليس وحرّمت العودة لمثل هذا الظهور المهين. مشكلة بن جبر وبقية أركان تنظيم الحمدين أنهم اعتادوا منذ نحو ربع قرن من الزمن على اللعب في ظلام الكهوف فقط، كالخفافيش التي لا تقوى على مواجهة ضوء الشمس، وعندما قرر هذا الخفاش المتحذلق تقمص دور الحمامة والوقوف على غصن شجرة في عز الظهيرة للشدو بألحان التمسكن والحكمة سقط بضربة شمس أودت بخطته البديلة وكادت تودي بحياته، ومع ذلك فقد صدق وهو كذوب عندما قال «الحل في الرياض». Hani_DH@ [email protected]