ما يميز زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى لندن أنها تتزامن مع إطلاق رؤية المملكة 2030 وإستراتيجياتها وآليات عملها وما يتصل بها من بلوغ بلادنا مرحلة نهضوية شاملة ذات شأن، مرحلة التحول من الكم إلى النوع، مرحلة التنوير الشامل، مرحلة النضج وقطف الثمار. هذه الرؤية التي ترسم معالم برنامج شامل للتحول الوطني تطرح على مستوى قطاع التعليم التجربة التربوية الرائدة للمملكة باعتبارها واحدة من الإستراتيجيات المهمة التي تشمل معالجة قضايا مثل التطرف والإصلاح الاجتماعي. والحال أن زيارة ولي العهد إلى بريطانيا تدشن حقبة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين. كما أنها تعزز أسس شراكة مثمرة تحقق مصالح واسعة النطاق لكل من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة. بل إنها تتيح الفرصة لتطوير التعاون بينهما في مجابهة تحديات دولية، كالإرهاب والتطرف والقضايا الإقليمية في الشرق الأوسط. وبهذا الصدد تشير رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى أن: «السعودية تتغير، وقد لاحظنا اتخاذ قرارات تتيح للمرأة قيادة السيارة، فضلاً عن قرارات أخرى تتعلق بالقوى العاملة في إطار رؤية 2030 وتطوير قطاعات مثل الصحة والتعليم والبنى التحتية والسياحة، والمملكة المتحدة رائدة عالمياً في هذه القطاعات مما يخلق فرصاً للعمل معاً». وتضيف أن «علاقاتنا القوية مع السعودية تسمح لنا بالحديث وفي شكل بناء في قضايا أمنية إقليمية وفي الصراعات والوضع الإنساني». والحال أنه منذ عام 2010 أصبحت المملكة ثالث أكبر سوق للصادرات البريطانية. كما تعتبر ثاني أكبر مستثمر فيها بعد الولاياتالمتحدة. وهناك زهاء 300 مشروع مشترك تستثمر 17 بليون دولار. كما أن عدد الطلبة السعوديين في الجامعات البريطانية بلغ نحو 15 ألف طالب وطالبة. يضاف لهم مرافقوهم وأفراد أسرهم بما يصل إلى الثلاثين ألف سعودي. ولا شك أن ترجمة زيارة ولي العهد لهذه المعاني تبدو ماثلة في الانخراط الإيجابي لهؤلاء الطلبة المبتعثين في المجتمع المحلي البريطاني، فكانوا بذلك سفراء خطة التحول الإستراتيجي التي يصفها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالقول إن المملكة «تعيش تحولاً تاريخياً من خلال رؤيتها 2030 وما يتخللها من برامج ومبادرات للتحول الوطني لبناء اقتصاد قوي ومتين يعتمد على تعزيز التنافسية وتنويع دعائم الاقتصاد الوطني. وهذا الهدف يتطلب جهوداً مخلصة ورؤى واضحة تمكن السوق السعودي من جذب الاستثمارات وتحسين قدرته على التنافس مع الاقتصادات العالمية. ونحن بفضل الله ثم بجهود أبناء وبنات هذا الوطن قادرون على مواجهة هذا التحدي، وقادرون بحول الله على صناعة تجربة اقتصادية أساسها الجودة والتميز». ولا شك أن الناظر المتمعن صار في ضوء ذلك كله ينظر إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث من منظور احتفائنا بزيارة ولي عهده الأمين وما تحمله من معان، باعتبارها تمثل مبادرة متميزة تجسد رؤية قيادتنا الرشيدة وبصيرتها الثاقبة التي ترى أن التقدم للوطن والمواطن لا يتحقق إلا بالتعليم المستنير القائم على التوازن الدقيق بين ثوابتنا الثقافية والفكرية والأخلاقية وبين قفزات التقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي الحديثة، مع الانفتاح في الوقت نفسه على ثقافات العالم وحضارته. * الملحق الثقافي السعودي في بريطانيا