من المؤكد أن لقاء ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان، مع البابا تواضروس بابا الكنيسة القبطية المرقسية، كان علامة فارقة على فتح آفاق العلاقات بين الإسلام الوسطي الذي تنتهجه السعودية مع الكنيسة البابوية التي تدعو للتسامح وفهم ثقافة الآخر. اللقاء التاريخي في البابوية أمس الأول يعتبر رداً مباشراً من الرياض على من يشوهون صورة علاقاتها بالديانات الأخرى، كما يشكل اللقاء الأول في التاريخ الذي يلتقي فيه ولي عهد سعودي ببابا للكنيسة القبطية في إطار حرص السعودية على الدفاع عن القيم الدينية والأخلاقية، والتأكيد على أهميَّة الحوار بين الثقافات والأديان ومساهمة أتباع مختلف الديانات في النهوض بالتفاهم بين البشر والشعوب. فيما يؤكد لقاء الأمير محمد بن سلمان، مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب حرص السعودية على تعميق العلاقة مع مشيخة الأزهر؛ لأهمية الدور الذي يقوم به في مواجهة ما يحيق بالعالم الإسلامي والعربي من مخاطر وحجم العلاقة المتعاضدة بين الأزهر والسعودية ملكاً وحكومة وشعباً، وعظم المكانة التي تحظى بها السعودية في قلوب المسلمين جميعاً، فضلا عن قوة العلاقة التي تجمع بين الأزهر الشريف والسعودية وتقدير السعودية للأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء؛ إذ يعتبر الأزهر من أهم منارات وركائز الفكر الإسلامي المستنير الداعم لنشر ثقافة الوسطية والتعايش والسلام ومكافحة الفكر المتطرف، وتوحيد الجهود لنشر تعاليم الإسلام السمحة بعيداً عن الغلو والتطرف أو الإفراط والتفريط. إن التقارب والحوار بين الأديان نهج سعودي في إطار فهم ثقافة الآخر ودحر العنف والإرهاب وتعزيز قيم التقارب الإنساني، الذي سيعمل على زيادة الغنى الثقافي والروحي والفكري، ودحر الدعاوى الباطلة والمعزولة التي تربط التطرف والعنف بالإسلام، وفتح مجالات الحوار بين الإسلام والمسيحية، الذي أضحى ضروريا في ظل معاناة كثير من الشعوب من الجماعات المتطرفة التي تمارس العنف باسم الأديان. علينا احترام الاختلاف الذي يعتبر جوهر الحوار في نطاق المساحة الواحدة ووفق القواسم المشتركة التي تجمع بين الشعوب، والتركيز على حقيقة أن قبول الآخر واحترام اختلافه هو الحل، ورفض الآخر هو فتح المجال للتشدد والتطرف وما يسفر عنه من إرهاب ومعاناة للشعوب، فضلا عن أن أهمية التركيز على زرع قيم المحبة والسلام في الأجيال الناشئة وتعميق التواصل مع الشعوب مثّل محوراً مهماً في تعزيز جهود السلام العالمي. ولي العهد في ضيافة الأزهر والبابا حدث كبير، ونقطة تحول في مسار فهم الآخر، والتأكيد على أن «الإسلام لا علاقة له بالإرهاب».