كلّما اقترب موعد الاكتتاب في أرامكو ازدادت وتيرة الطروحات الاقتصادية عن الشركة في الدوائر المالية العالمية، وأعتقد أن طرح هذه النسبة القليلة من الأسهم سيكون كفيلا بإخراج هذا العملاق المالي من قمقمه ليصبح لاعباً أساسياً في البورصات العالمية. أمس كنت أعيد الاطلاع على التقرير التليفزيوني الذي قام به «أندريو روس» من محطة «سي إن بي سي» الأمريكية والذي تناول فيه أرامكو تحت عنوان «أكبر شركة في العالم، الصورة من الداخل» والمسأله لا تحتاج إلى ذكاء كبير لتعرف سر اهتمام العالم بهذا الطرح الذي لا يتجاوز 5% فقط. تقديرات قيمه الطرح تتراوح بشكل متفاوت، وتلعب جملة من الأسباب والمتغيرات في تحديد هذه المسألة، لكنني سوف آتي على فرضية ما طرحته «سي إن بي سي» من أن قيمة أرامكو قد تصل إلى 9.3 تريليون ريال عند عملية الطرح، وبموجب هذه الفرضية فإن مجرد طرح 2% فقط يعني تحقيق ما يقارب من 200 مليار ريال وهو ما يمثل 13% من القيمة الإجمالية لسوق الأسهم في المملكه و 32% من قيمة الأسهم الحرة للسوق فما بالك وأنت تتحدث عن 5%. وعلى فرضية أن قيمة هذه الشركة سوف تصل إلى 2650 مليار دولار، فإن هذا الرقم يساوي إجمالي القيمة السوقية لأكبر شركات العالم اليوم مجتمعة، بما في ذلك قوقل (503 مليارات) وآبل (582 مليارا) وميكروسوفت (412 مليارا) وفيسبوك (313 مليارا) وبريكشاير هيتوى (360 مليارا) وأكسون موبيل (362 مليارا) وهي الشركات التي تحرك العالم اليوم. ارتفاع هذا التقديرات التي قد تنخفض إلى 7.5 تريليون حسب بعض التقديرات الأخرى المتحفظة مثل ماكينزي، لكنه يظل رقما كبيرا يوازي الاقتصاد الفرنسي ويزيد على الاقتصاد الهندي ويفوق بثلاثة أضعاف الاقتصاد التركي وهذا كله يعود لأسباب كثيرة من بينها أن أرامكو تنتج اليوم 12.5% من إنتاج العالم من النفط وتمتلك بنية تحتية للنفط والغاز من حيث حجم الإنتاج وموثوقية التشغيل والتقدم التقني، خلاف أن الشركه تمتلك امتياز احتياطي نفطي يقدر ب 261 مليار برميل و300 تريليون قدم مكعب قياسية من الغاز الطبيعي. ورغم الجدل الكبير الذي صاحب فكرة الاكتتاب والذي لم ينقطع حتى اليوم، وهل سيكون الاكتتاب في المنبع أو في المصب، وهو مصير ال«الأب ستريم» للشركه وموقعه من الإعراب في عملية الاكتتاب، إلا أن الشركة التي ظلت صندوقاً أسود سوف تفتح دفاترها المالية لأول مرة من 77 عاماً وسوف تلتزم تبعا لهذا التحول بمعايير الحوكمة خلاف أنها بحكم جمعيتها العمومية العالمية سوف تتحول مع الزمن من شركة نفطية إلى عملاق عالمي للطاقة والصناعات التحويلية وهو ما سوف ينعكس على حجم وأرباح الشركة، خلاف أن المضاربات على السهم سوف ترفع هي الأخرى من قيمته في البورصات العالمية.