«لا غنى للعرب عن مصر - ولا غنى لمصر عن العرب»، هذه وصية الملك المؤسس عبدالعزيز حول مصر، التي كرسها أبناؤه الملوك السابقون حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي حرص على إيصال هذه العلاقة إلى مصاف الشراكة الإستراتيجية. هناك حقيقة لا تقبل الجدل أو النقاش بأن مصر والسعودية تشكلان معاً العمود الفقري للنظام الأمني العربي، وهما جناحا الأمة العربية، لإدراكهما التام بضرورة تحصين البيت العربي من الداخل ومكافحة الإرهاب، ووقف التمدد الطائفي ومنع التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية والحرص على إرساء الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، فضلا عن تكريس الشراكة وتعزيز الحوار الإستراتيجي. ومن هنا أصبحت الرؤى والمواقف متطابقة تماما بين الرياضوالقاهرة، والحرص على وضع نموذج أمني إستراتيجي لإدارة العلاقات العربية حفاظا على مكتسبات ومقدرات الأمة العربية والإسلامية.. وهنا تكمن الأهمية القصوى لزيارة ولي العهد، اليوم (الأحد) للقاهرة، التي تستغرق ثلاثة أيام، يلتقي خلالها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وعددا من المسؤولين المصريين. ويعكس اختيار القاهرة المحطة الأولى في أول جولة خارجية للأمير محمد بن سلمان منذ تقلده ولاية العهد، عمق العلاقات الإستراتيجية والحرص على تقويتها وتمتينها، والتصدي للمؤامرات الإيرانية في المنطقة ولجم الإرهاب وتكريس قيم الإسلام الوسطي وإبراز صورة الإسلام السمح. وليس هناك شك أن زيارة ولي العهد لمصر في هذا التوقيت، تحمل مضامين مهمة، خصوصا لجهة طبيعة المرحلة الراهنة التي تعيشها المنطقة، ويأتي اللقاء بينما يجري التباحث بشأن مناقشات القمة العربية القادمة، المقرر أن تستضيفها الرياض في مارس الجاري. وسيركز اللقاء بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على تطورات الوضع في اليمن، والأزمة مع قطر، ومسيرة العملية السلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل، وتعزيز سبل مواجهة الإرهاب، إضافة إلى استعراض ما تم إنجازه على صعيد تعميق العلاقات الأمنية والاقتصادية والاستثمارية بين البلدين. وبحسب مصدر رسمي مصري رفيع، فإن مصر تعتبر السعودية عمقا إستراتيجيا كبيرا، مؤكدا أن البلدين يعتبران جناحي الأمة العربية وقوتهما السياسية؛ لصيانة حقوقهما في المحافل العربية والدولية ومكافحة الإرهاب. وقد أثبتت الأحداث قوة ومتانة هذه العلاقات على المستويين الرسمي والشعبي، كما تعتبر العلاقات بين القيادة السياسية لكلا البلدين قوة ضاربة يمكنها العمل لتحقيق مصالح الأمة العربية والدفاع عنها في المحافل الدولية، خصوصا أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حرص منذ توليه مقاليد الحكم على استمرار تكامل العلاقات السعودية - المصرية، كما وقفت المملكة إلى جانب مصر في محاربة الأعمال الإرهابية التي تهدف إلى زعزعة أمن مصر واستقرارها. إن قوة ومتانة العلاقات بين البلدين لها أهمية كبرى لمجابهة محاولات التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية، والتيقظ للمساعي التي تستهدف بث الفرقة والانقسام بين الأشقاء، وذلك حفاظاً على النظام العربي الجماعي الذي تسعى مصر والسعودية إلى تقويته في مواجهة محاولات اختراقه وإضعافه. الزيارة التاريخية للأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة تؤكد العلاقات الوثيقة والراسخة، والحرص على متانتها وصلابتها في المستقبل لمصلحة الأمن القومي العربي، باعتباره مسؤولية مشتركة. وعندما يزور الأمير الشاب محمد بن سلمان قاهرة المعز فإنه يحمل رسالة المؤسس الملك عبدالعزيز التي تحمل الحب والتقدير للشعب المصري، وتحيات الملك سلمان للأشقاء في مصر.