تمتاز العلاقات، التي تربط المملكة العربية السعودية ومصر، بخصوصية، فهي علاقات مميزة، نظراً إلى المكانة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، فعلى الصعيد العربي تؤكد الخبرة التاريخية أن الرياضوالقاهرة هما «قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي، وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة، التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج». وكان جبل رضوى - شمال غرب المملكة - شهد أول لقاء تاريخي جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بالملك فاروق ملك مصر، عام 1364ه (1945)، وتم خلاله وضع السياسة الثابتة لمستقبل العلاقات الثنائية بين المملكة ومصر. وبعد ذلك كانت زيارة الملك عبدالعزيز لمصر سنة 1365ه (1946)، فتطابقت وجهات النظر بين الملك عبدالعزيز والملك فاروق تجاه الجامعة العربية، ووافق الملك عبدالعزيز على بروتوكول الإسكندرية، وتمخض لقاؤهما عن موافقة الملك عبدالعزيز في شكل نهائي على انضمام المملكة العربية السعودية إلى الجامعة العربية. وحرص الملك عبدالعزيز، من خلال مقترحاته تجاه الجامعة، على أن يكون ضمن ما يُتفق عليه بين الدول المؤسسة التزام الدفاع المشترك عن فلسطين، وتطابقت الرؤى تماماً بينه وبين الملك فاروق في هذا الخصوص. وفي تقرير حديث أعدته وكالة الأنباء السعودية أخيراً، فإن العلاقات السياسية بين المملكة ومصر تطورت تطوراً قوياً منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1926. وفي ال27 من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1955 تم توقيع اتفاق دفاع مشترك بين البلدين. وأدرك الملك عبدالعزيز آل سعود بكل وضوح الأهمية الاستراتيجية للعلاقات المصرية السعودية، وانتهى إلى مقولته الشهيرة «لا غنى للعرب عن مصر - ولا غنى لمصر عن العرب». وفي عام 1355 ه (1926) عُقدت معاهدة صداقة بين البلدين، ثم وقع اتفاق التعمير بالرياض في عام 1358ه (1939) التي قامت مصر بموجبها بإنجاز بعض المشاريع العمرانية في المملكة. وأيدت المملكة مطالب مصر الوطنية بجلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية، ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وعند توقيع اتفاق الدفاع المشترك بين البلدين في ال27 من أكتوبر عام 1955، ترأس وفد المملكة في توقيعه بالقاهرة الملك فيصل بن عبدالعزيز. وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. وبعد العدوان الإسرائيلي على الدول العربية - مصر وسورية والأردن - عام 1967 توجه الملك فيصل بن عبدالعزيز بنداء إلى الزعماء العرب، مؤكداً ضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها، وتؤكد الزيارات المتبادلة بين القيادات السعودية والمصرية عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وشهدت الأعوام العشرون الماضية عدداً من الزيارات المتبادلة بين الطرفين. زيارة الملك سلمان في 1987 وفي 16-3 -1987 قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمير منطقة الرياض آنذاك) بزيارة لجمهورية مصر العربية، لافتتاح معرض «المملكة بين الأمس واليوم» في القاهرة. وفي 28-2-2015 قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة للمملكة، التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبحث الجانبان دعم العلاقات الثنائية وآخر تطورات الأوضاع في المنطقة العربية، إضافة إلى التشاور والتنسيق بما يحقق مصلحة الأمتين العربية والإسلامية. وفي 27-3-2015 قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بزيارة لمصر، لحضور القمة العربية في دورتها ال26، استقبله خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي. وفي 2-5-2015 قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة للمملكة، التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وعقد الجانبان محادثات عكست قوة ومتانة العلاقات التاريخية والوثيقة التي تجمع بين البلدين. وفي 10-11-2015 قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة للمملكة، للمشاركة في أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية. وفي 15-12-2015 قام ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بزيارة لمصر، استقبله خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتناول اللقاء اجتماعات مجلس التنسيق المصري السعودي المشترك، الذي يهدف إلى تعزيز أواصر التعاون والتبادل التجاري والاقتصادي على نحو يعكس خصوصية العلاقة بين البلدين، كما تطرق اللقاء إلى عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. وفي 10-3-2016 قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة للمملكة، لمشاهدة العرض الختامي لمناورات «رعد الشمال 2016»، التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في حضور عدد من زعماء الدول العربية والإسلامية، وذلك بمدينة الملك خالد العسكرية بحفر الباطن. الاقتصاد بين القاهرةوالرياض وفي المجال الاقتصادي، تضاعفت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة ومصر مرات عدة، خلال فترة الثمانينات والتسعينات والسنوات الأربع الأولى من القرن الحالي، إذ تبوأت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر، والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية، بقيمة تجاوزت أكثر من 71 بليون جنيه مصري. وبلغ حجم استثمارات المملكة في مصر 5.777 بليون دولار بشركات مؤسسة عددها 3.057 شركة، خلال الفترة من 1-1-1970 حتى 31-12-2013، ويحتل القطاع الصناعي المرتبة الأولى باستثمارات تبلغ بليونين من الدولارات، يليه القطاع الإنشائي باستثمارات تبلغ بليون دولار. وتأتي الاستثمارات السياحية في المرتبة الثالثة ب933 مليون دولار، بشركات مؤسسة عددها 268 شركة، بينما تحل الاستثمارات في القطاع التمويلي في المرتبة الرابعة ب112 شركة، باستثمارات تبلغ 693 مليون دولار، تليها الاستثمارات الزراعية، ثم الخدمية وقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. وفي إطار تعزيز هذه العلاقات، قامت اللقاءات الثنائية وتم التوقيع على عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم بين الطرفين. وفي يوم الأربعاء 20-2-1437ه (2-12-2015) عقد مجلس التنسيق السعودي المصري اجتماعه الأول في مدينة الرياض، برئاسة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية المهندس شريف إسماعيل محمد، في حضور أعضاء المجلس من الجانبين. وفي 14-4-2015 قام الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بزيارة لمصر، التقى خلالها بالرئيس عبدالفتاح السيسي. وفي 10-4-2015 قام الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري بزيارة للمملكة، التقى خلالها بالأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. وفي 14-2-2015 بدأت عناصر القوات البحرية المصرية والسعودية تنفيذ المرحلة الرئيسة من المناورة البحرية «مرجان 15» التي شارك فيها عدد من القطع البحرية وعناصر القوات الخاصة وطائرات اكتشاف ومكافحة الغواصات، لتنفيذ عدد من النشطات التدريبية المشتركة، لتأمين المياه الإقليمية وحركة النقل بنطاق البحر الأحمر. وتأتي المناورة البحرية تعزيزاً لعلاقات الشراكة الاستراتيجية والتعاون العسكري بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، لإرساء دعائم الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتحقيق المصالح المشتركة لكلا البلدين الشقيقين، وتنمية قدرة القوات المشاركة من الجانبين على تخطيط وإدارة عمليات مشتركة، للحفاظ على أمن وسلامة الملاحة بالبحر الأحمر ضد أي تهديدات، بوصفه ممراً دولياً مهماً للاقتصاد العالمي. وشهدت العلاقات بين البلدين عدداً من الزيارات العسكرية المتبادلة بين القادة والمسؤولين العسكريين في كلا البلدين، وفي شكل دوري، لتبادل الآراء والخبرات والمعلومات العسكرية والأمنية والاستخباراتية، التي تهم البلدين. وقامت المناورات التدريبية المشتركة لجيشي البلدين، مثل مناورات «تبوك» للقوات البرية، ومناورات «فيصل» للقوات الجوية، ومناورات «مرجان» للقوات البحرية.