شكل لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس دونالد ترمب في مارس الماضي، علامة فارقة ونقطة تحول تاريخية في إعادة تموضع الرياض وواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، واعتبار النظام الإيراني التهديد الأمني الأكبر على المنطقة، وخطورة التحركات الإيرانية التوسعية، عبر تغلغل ميليشياتها الطائفية في بعض دول الشرق الأوسط ودعم المنظمات الإرهابية، خصوصا أن اللقاء التاريخي في البيت الأبيض بين الرئيس ترمب والأمير محمد بن سلمان، هو الأول بهذا المستوى منذ تولي ترمب منصب الرئاسة. هذا الاجتماع الذي أعاد الأمور لمسارها الصحيح شكل نقلة كبيرة في الشراكة الإستراتيجية في كافة المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، بفضل التفهم الكبير للرئيس ترمب لرؤية ولي العهد إزاء أهمية تعزيز الشراكة بين البلدين واستيعابه ورؤيته الواضحة لمشاكل المنطقة، فضلا عن ضرورة فتح قنوات الاستثمارات بين البلدين في إطار تنفيذ الرؤية 2030 وإعطاء الفرص للشركات الأمريكية التجارية بشكل كبير واستثنائي للدخول إلى السوق السعودية. الأمير محمد بن سلمان الذي يحرص على البعد عن الإعلام وتحقيق الإنجاز وحرق المراحل، نجح في إقناع إدارة الرئيس ترمب بضرورة إحلال الأمن والسلام في المنطقة ولجم التدخلات الإيرانية في المنطقة وحرص في نفس الوقت على الاستماع لوجهة نظر الطرف الآخر بكل عناية. وتمكن عبر شخصيته ذات الكاريزما العامية في إقناع الإدارة على الدخول في شراكة إستراتيجية لمصلحة إرساء الأمن والاستقرار والتصدي لمؤامرات النظام الإيراني في المنطقة. وجاء الاتصال الهاتفي للرئيس ترمب مع ولي العهد، تأكيدا على هذه الشراكة الطويلة الأمد والتصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، خصوصا أن الرئيس ترمب أثنى على قيادة ابن سلمان في إبراز سبل تحسين قدرات دول مجلس التعاون الخليجي على التصدي للأنشطة الإيرانية وهزيمة الإرهابيين والمتطرفين. كما اتفق الطرفان على أهمية وحدة مجلس التعاون الخليجي في تخفيف حدة التهديدات الإقليمية وضمان الاستقرار لاقتصاد المنطقة. الرياض وواشنطن ملتزمتان أيضا بمحاربة الإرهاب بكافة أشكاله والتصدي لجذوره الفكرية وتجفيف مصادر تمويله، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع ومكافحة الجرائم الإرهابية ومواجهة الفكر المتطرف وتعزيز التعايش والتسامح بين الشعوب. وليس هناك شك أن التنسيق السعودي الأمريكي سيحافظ على أمن المنطقة والعالم، ومواجهة نشاطات إيران التخريبية والهدامة بكل حزم وصرامة والحيلولة دون توسع إيران في برنامجها المتعلق بالصواريخ الباليستية. لقد استطاع الأمير محمد بن سلمان عزل إيران في محيطها الإسلامي والإقليمي وأصبحت إيران الدولة الإرهابية الأولى في العالم، كما استطاع في فترة وجيزة بناء سياسة خارجية قوية للمملكة العربية السعودية. نقول لإيران.. انتهت حسابات الحقل والبيدر. وحان وقت المحاسبة.