مثلت زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن مارس الماضي، نقطة الانطلاقة للشراكة السعودية - الأمريكية في عهد الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترمب، إذ أحدثت هذه الزيارة توافقا في الرؤى السعودية - الأمريكية حول العديد من الأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التنسيق وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه. كما وضعت الزيارة خريطة طريق للتصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة. هذه الزيارة وضعت الأسس أيضاً لمستقبل لعلاقات الأمريكية - الخليحية والعربية والإسلامية من خلال قمم «العزم يجمعنا» التي عقدت في الرياض في مايو الماضي، والتي ساهمت في تغيير الرؤية الأمريكية حيال الصورة النمطية للإسلام وفتح الشراكات مع الدول الإسلامية، فضلا عن توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية جديدة للقرن ال21 بين البلدين، من خلال الإعلان الرسمي عن الرؤية الإستراتيجية المشتركة للبلدين، التي رسمت مساراً جديداً نحو شرق أوسط ينعم بالسلام حيث التنمية الاقتصادية والتجارة والدبلوماسية سمات العمل الإقليمي والدولي، والعمل على مبادرات جديدة لمواجهة خطاب التطرف العنيف، وتعطيل تمويل الإرهاب، وتعزيز التعاون الدفاعي، خصوصا أن ترمب قام بأول زيارة رسمية خارجية منذ تسلمه منصبه في يناير الماضي، هذه الزيارة التي أسهمت في تعزيز وتوطيد العلاقات الإستراتيجية في العديد من المجالات، وفتحت أيضا فرصاً غير مسبوقة لرجال الأعمال الأمريكيين للاستثمار في السعودية، قدّرها الاقتصاديون بنحو تريليوني دولار، تشمل 12 قطاعاً استثمارياً، إذ يصل حجم الاستثمارات المتوقعة في قطاع البنية التحتية للطرق والمواصلات والمناطق الحرة الجديدة إلى نحو 700 مليار دولار، فيما بلغ حجم الأموال التي سيتم ضخها في قطاع النفط والغاز 300 مليار دولار في الأعوام الخمسة القادمة، ولاسيما في مجالات التنقيب والتكرير. وجاء الاتصال الهاتفي الذي أجراه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس ترمب أمس الأول تجسيدا لعمق العلاقات، وحرص البلدين على إعطاء الشراكة الإستراتيجية دفعة إلى الأمام وبحث تطورات الأحداث في المنطقة والعالم، خصوصا أن الرئيس ترمب اتفق مع الملك سلمان خلال هذا الاتصال على قيامه بزيارة لواشنطن في أوائل العام القادم، وهذا حتما يعكس تطورا نوعيا في الشراكة بين الرياضوواشنطن لرسم مسار هذه الشراكة الإستراتيجية، خصوصا أن البلدين حريصان على تعزيز التعاون للقضاء على تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين، وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، والتصدي بقوة لجذور الفكر الإرهابي وتدخلات إيران الشريرة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وإشعالها الفتن الطائفية، ودعمها للإرهاب والوسطاء المسلحين، وما تقوم به من جهود لزعزعة استقرار دول المنطقة. وتأتي الشراكة الإستراتيجية بين الرياضوواشنطن لإرساء الأمن ودعم الاستقرار ولجم الإرهاب.