في ثقافتنا المحلية توجد عبارات ومقولات جميلة نجد فيها الحكمة أحياناً والطرفة أحياناً أخرى، خصوصاً المقولات التي كان يرددها البعض من أجدادنا وآبائنا الذين عاشوا إبان المرحلة الانتقالية بالمملكة وهي مرحلة الانتقال من حياة البادية إلى الحياة المدنية. وهناك مقولة طريفة كان يرددها ويكتبها الكاتب محمد السحيمي في بعض مقالاته الصحفية ولقاءاته التلفزيونية، وهي مقولة: «دوجٍ حمر والرفارف سود» وكان السحيمي ينسب هذه المقولة لصاحبة السيارة الحمراء وهي جدته حمدة! التي ذكر لنا في أكثر من مقال بعضاً من صفاتها الرائعة، مثل تمتعها بالذكاء والحنكة والحكمة وعدم التسرع بالمواقف الحرجة واتخاذ القرار المناسب بالوقت المناسب. ففي مقال سابق للسحيمي أخبرنا عن قصة جميلة تثبت مدى ذكاء ودهاء الجدة حمدة، وهي قصة تحكي أن الجدة حمدة شربت من ماء رديتر سيارتها الحمراء وذلك عندما انقطعت بها السبل ولم يكن أمامها إلا هذا الحل بدل أن تموت عطشاً بالصحراء. ليت أستاذنا محمد السحيمي ورث عن الجدة حمدة بعضاً من صفاتها الرائعة وبالأخص الحكمة والحنكة والتريث ومواكبة العصر تدريجياً وتصاعدياً على السلم الزمني للثقافة والوعي. لم تكن عند السحيمي الكاريزما اللازمة والهيئة الدينية المطلوبة لقبول تصريحه ورأيه عند العامة، وهذا لا يشفع له بالقفز على تصاعدية المرحلة، ويبدو أن أستاذنا العزيز «غرز بالنفود» وهو يمتطي صهوة الدوج الأحمر الذي ورثه من الجدة حمدة، ولسوء حظه كان الدبل متعطلاً! كان قرار إيقاف الأستاذ محمد السحيمي قرارا يحتوي على «روح القانون» وهو للأمانة قرار حكيم ونقطة إيجابية تحسب في صالح الجهات المسؤولة، التي أصابت فيه أكثر من هدف، ولكي ترضي جميع الأطراف المختلفة وتسكت تداول أمر بسيط لا يستحق كل هذا الوقت والجهد، ولدينا ما هو أهم وهو العمل والجدية والبناء للوصول إلى التحول الوطني ورؤية السعودية. أنا على يقين بأنه لا يوجد مواطن سعودي يحارب الإسلام أو يريد هدم الدين والثوابت، لأن التاريخ والواقع والحقيقة والأساس الذي قامت عليه هذه المملكة الغالية هو أن الإسلام دين جميع السعوديين وهويتهم، فلا مزايدة على الدين والهوية. أما من يزايد على الدين والثوابت فهذا له مآرب أخرى! ولأجلها أزبد وأرعد وصرخ وعبس وسل سيف لسانه يحرض ويهيج البسطاء من أفراد الشعب! يجب أن يعلم كل شخص من الأشخاص الذين يحلمون بعودة عصر الصحوة! أن ما يحلمون به هو سراب ولا يمكن العودة له مطلقاً. وعليهم أن يحكموا عقولهم ويختاروا الوطن، فهو أصدق حقيقة وأعظم المكتسبات وأغلى ما نفتخر ونعتز به. إنه الوطن الذي يحتضن شعبه أجمعين ولا يشتكي، ويقبل اختلافهم ولا يفسد ودهم، ويشجعهم على العمل والبناء لهدف الأمن والرخاء. إن كل ما دون الوطن أمر بسيط يسهل حله، ولكن إذا احتدم الخلاف ووصل إلى حد الوطن ووحدتنا تحت راية قيادتنا، هنا نقف ونذل الأرواح دفاعاً عنه. الوطن خط أحمر لا نقبل بأي شكل من الأشكال بتجاوزه أو مجرد الاقتراب منه.