لم تخضع تعاملات حياتنا الاجتماعية -رغم اختلاف الوقت وتغير الحاجات الإنسانية- إلى دراسات تساعد على فهم حياة الناس وكيفية تعاملاتهم لتوجيه الثقافة، حيث نشأت الأيديولوجيا المضادة من منطلق واقع فكري وبناءات كامنة في الوعي الاجتماعي، فأصبح التغيير والانفتاح الثقافي محورا يبرز في نشاط أكثر الحركيين مختلفي الاتجاهات بحالة تغذي نفسها من الفوضى وتقوم على صيغة الضد والعدائية والتجني. على رغم تشكل الدولة المعاصرة وإلحاح الحاجة لوجود النظم الإدارية والاقتصادية وحقوق الأفراد بما يقتضيه مفهوم الدولة الحديث، إلا أن هناك من يعادي أي فكرة يرفضها فيضعها في ميزان العداء للدين أو الوطن، وفي ظل وجود شريحة شعبية عريضة تعبر عن موقفها بالمخالفة والرفض الدائم وتنساق لهذه الحركات العشوائية المستندة على مبادئ متناقضة، إلا أنها وجدت فيها ملاذاً وتحقيقاً لكيانها الذي تشعر في الأصل بفراغه. إن الأزمة في استيراد مصطلحات قامت عليها حركات إصلاحية أو تخريبية واستخدمت في تاريخ قديم وفق حاجات إنسانية وثقافات مختلفة ونتجت في ظروف زمنية ومكانية من آخر الدنيا، ومن ثم إلصاقها لهدف التخوين وإلقاء التهم بين أبناء وطن واحد لمجرد اختلافات في الرأي يبرز حالة مزرية من التدهور الأخلاقي، حتى أن أحدهم قد يتجرأ على أن يجد في رأيك مجالا لشتيمتك، والأمر ناتج عن أيديولوجيا مضادة قامت على ذات البناءات والمنطلقات لكنها ركزت على ضدية الأفكار حتى كرست صورة الصدامية بشكل بالغ في العمق الثقافي. إن الطريقة تكمن في تجديد الفكر الإسلامي وتعميق اعتداله وعدالته في مفاهيم الناس ومواجهة الآثار السلبية التي ترتبت على قيامه بمفهوم لا يتطابق مع ما جاء به، والحد من حالات التوتر الذي يعانيه الأفراد والجماعات نتاج الصراع الفكري الذي يشكل مرآة لأخلاق المجتمع في نهاية المطاف. ALshehri_maha@