أصدر مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية تقريره الاستراتيجي السنوي في الشأن الإيراني لعام 2017، ليقدّم رصداً وتحليلاً لأبرز التطوُّرات على الساحة الإيرانيَّة، ليُمِدّ القارئ بتحليل دقيق وشامل للحالة الإيرانيَّة، ثم يقدِّم أرجح السيناريوهات المتوقَّعة في الشأن الإيراني خلال الفترة القادمة. وتضمَّن التقرير ثلاثة أقسام رئيسية، هي الشأن الداخلي والشأن العربي والشأن الدولي. يتناول الشأن الداخلي خمسة ملفَّات، أولها الملف السياسي الذي تعرض لانتخابات 2017 الرئاسية التي فاز فيها حسن روحاني بفترة رئاسية ثانية، وإخفاقه في تحقيق وعوده الانتخابية، وما تَعرَّض له من انتقادات مع الإصلاحيين وخلافات مع المرشد، ثم ختام العام بالاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهِدَت لأول مرة هتافات «بسقوط النظام» و«الموت لخامنئي» و«رحيل روحاني»، مع المطالبة بنظام علماني خارج إطار الديكتاتورية الحالية. وفي الملف الأمني تناول التقرير علاقة إيران بتنظيم داعش، والأوضاع الأمنية في سيستان وبلوشستان والأحواز وكردستان، والتفاعلات مع الزلزال المدمِّر الذي ضرب مناطق واسعة بغرب إيران، وإهمال النظام للآلاف من ضحاياه، مما كان سببًا مباشرًا في تفجُّر الاحتجاجات في ديسمبر 2017، التي أدَّت للمرة الأولى في تاريخ إيران إلى رفض البرلمان موازنة عام 2018. وفي الملف العسكري تناول التقرير أوضاع المؤسسة العسكرية الإيرانيَّة من حيث علاقة الجيش بالحرس الثوري وموقف حكومة روحاني من المؤسسة العسكرية، خصوصاً مع زيادة نصيب الدفاع في موازنة العام الجديد على حساب القطاعات التي تمسّ المواطنين مباشَرةً. وفي الجانب الاقتصادي عرض التقرير أبرز ما شهِدَته الساحة الإيرانيَّة من تفاعلات وقضايا اقتصادية خلال عام 2017 على مستوى صناع القرار وانعكاسات ذلك على مستوى الأفراد، وعرضت لقضية العام وهي المظاهرات الشعبية في نهايات 2017 وبدايات 2018 التي قامت لأسباب اقتصادية واجتماعية، مع طرح مآلات هذه المظاهرات واحتمالات تأجُّجها مرة أخرى. أما الملف الاجتماعي فتناول الأوضاع المجتمعية في إيران عبر رصد وتحليل قطاعات الصحة والتعليم والبيئة، وقضايا الفقر والبطالة والإدمان والطلاق. أما الشأن العربي فحلَّل فيه التقرير العلاقات الخليجية-الإيرانيَّة بين المتغيرات الإقليمية والتحوُّلات الدولية من خلال عدة عوامل، كالتقارب الأمريكيّ-السعوديّ، والتقارب السعوديّ-التركي، والملفات العالقة بين دول الخليج وإيران كالملفات العراقي واليمني والسوري، علاوة على استهداف الرياض بصواريخ باليستية خلال 2017، وتشكيل إيران خلايا إرهابية واستهدافها المنشآت النفطية بالبحرين، وتهريب خلية العبدلي إلى الأراضي الإيرانيَّة، وغير ذلك، كما تناول التقرير مظاهر واتجاهات الدور الإيرانيّ في اليمن من حيث التسليح العسكري للحوثيين وإرسال المقاتلين وتجنيد وتدريب المقاتلين الجدد المنضمين إلى صفوف الحوثيين، وأثر العلاقة بين تصفية صالح وفضّ الشراكة مع الذراع الإيرانيَّة باليمن، ثم الدور الإيرانيّ في سوريا من خلال تحديد العوامل المؤثرة على الدور الإيرانيّ في الأزمة، وتعارض المصالح الروسية-الإيرانيَّة، واستراتيجية «صفر مشكلات» التركية، وقصف الطيران الإسرائيلي بعض المواقع في سوريا، ثم يعرض للوجود الإيرانيّ في العراق بين استعادة الدولة الوطنية وخطر الهيمنة الإيرانيَّة، مع تحليل انتماءات الحشد الشعبي وموقف الحكومة العراقية من ضمّ فصائله إلى قواتها المسلحة. وفي الشأن الدولي عرض التقرير لتوتر العلاقات الأمريكيَّة-الإيرانيَّة بعد عام من رئاسة ترمب، ورسم صورة لملامح السياسة الأمريكيَّة تجاه إيران، وردود الفعل الإيرانيَّة على السياسات الأمريكيَّة، بالإضافة إلى العلاقات الإيرانيَّة-الروسية وقضاياها الرئيسة، مثل الأزمة السورية والتحالف الروسي-الإيرانيّ في مواجهة الغرب، والعلاقات العسكرية بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بينهما. وفي نهاية كل محور يقدِّم التقرير الاستراتيجي أهمّ التوقُّعات والاستشرافات المقبِلة، من خلال رؤًى تحليلية تبصير المستقبَل بعين تحليلية راصدة.