في الأَربعينَ وأَنتَ مقصوصُ الجناحِ تُحرِّضُ المعنى على الطيرانِ ثانيةً كأَنَّكَ قادرٌ بالفعلِ أَنْ تخطو على دربِ السحابةِ من جديد ماضٍ لِتِيهِكَ حَمَّلَتْكَ الريحُ أَوزارَ الحكايةِ مُذْ وقفتَ ببابِ أَمْسِكَ مُوثَقَ القدمين، لا العمرُ يَرْجِعُ صوبَ أهدابِ النشيدِ ولا الصَبايا الفاتناتُ يَعُدْنَ من شجرِ الطفولةِ نحوَ حقلِكَ باسمات في الأَربعينَ هناك قربَ النبعِ يأخُذُكَ الحنينُ إلى ظِباءٍ لم تَعدْ تُصغِي لشدوِكَ كلما آنستَ خُطوتَها وغردَ طائرُ الكلماتِ من غُصنٍ وحيدٍ بالفؤاد، تُلْقِي بحزنِكَ صخرةً في الماءِ تُبصرُ بدرَ وجهِكَ قد تَشَظَّى من جحيمِ اللحظةِ الثكلى ومن أوجاعِهَا في الأَربعينَ وأنتَ مشدودٌ إلى الناياتِ في شَالِ الموشحِ جِدْ لمعناكَ المسافرِ في الهديلِ يمامةً منسيةً، لا تُرهِقِ اللحنَ الرهيفَ بجمرِ آهاتٍ من الذِكرى استدارت حولَ روحِكَ كالسِّوار في الأَربعينَ يخالُكَ الماضي قريباً من حدائقِهِ وأَنتَ هُناكَ في بِيدِ المخِيلَةِ عالقٌ، لم تكترثْ حينَ ارتحلتَ إلى التماعِكَ في المجازِ بشوكِ أَسئلةٍ يُحدِّقُ من بعيدٍ في خُطى قَدَمَيك في الأَربعينَ الآنَ في الطرقاتِ لن تحتاجَ أَن تطوِي ظِلالكَ كلما يممتَ صوبَ مَباهِجِ الدنيا لتبلغَ ضِفَّةً في التِيهِ، يسألُكَ التذكرُ عن مرايا حُلْمِكَ الباقي متى كنتَ ارتبكتَ بحضرةِ النسيانِ آخرَ مَرةٍ؟ ما ضَرَّ ماضيكَ المسالِمَ إنْ وقفتَ ببابِ طيبتهِ وأَلقيتَ التحِيَّةَ عابراً مُتخففاً من عِبْءِ لاءاتٍ رَوَتْ عَينيكَ مِن عطشِ الهَبَاء في الأَربعينَ تزوركَ امرأةٌ من الذِكرى فلا تَقْسُ على نَاياتِها مُتسائلاً عن أَمسِ نجواها البعيد، تعالَ خُذْهَا من طواحينِ السرابِ ورُدَّهَا لربيعِ بهجتِها الأثيرِ وزهرِهِ اهتمَّ أَن تُصغِي لطائرِ رُوحِها المنسيِّ في شَجرِ الغياب، كُنْ قُرْبَها مَطراً حريرياً إذا ارتبكتْ وكُنْ وتَراً مجازياً إذا ابتسمتْ وكُنْ شغفاً وجودياً إذا التفتتْ ولكن حين تدنو من حرائقِها المديدةِ لا تكن غيرَ الرماد * شاعر سعودي