لابد من الإشارة إلى الفترة الزمنية في إجراء هذا التحقيق الصحفي على أراضي مدينة عفرين، ذلك أنه يرصد بدقة مرحلة «التسخين» على الجانبين من قبل تركيا، وكذلك من قبل عناصر (ي ب ك). خمسة أيام في مدينة عفرين من 13/1 يوم (السبت) وحتى 18/1 ظهيرة (الخميس) كانت مهمتنا قد انتهت بين هذين التاريخين. إذ وقفنا على عدة جبهات عسكرية تابعة ل(ي ب ك)، وما هي الاستعدادات العسكرية قبيل 48 ساعة من بدء عملية غصن الزيتون التركية. أيضا، تجولنا في مدينة عفرين واستمزجنا الرأي العام من أية عملية تركية محتملة، فيما كان السياسيون في الإدارة الذاتية في «مقاطعة عفرين» يستعدون للتخطيط للعام الجديد 2018، وتحدثت «عكاظ» إلى رئيس الإدارة الذاتية الدكتور عثمان شيخ عيسى، إضافة إلى بعض القيادات الأخرى. ومن حسن حظ «عكاظ»، كانت الصحيفة الأولى والوحيدة التي تشهد الساعات الأخيرة من هدوء ما قبل العاصفة في عفرين، إذ شهدنا كيف تحولت إلى ساحة قتال مفتوحة بانتظار سيناريوهات مجهولة. على جبهات القتال الرئيسة المحاذية لتركيا وكذلك المحاذية لقوات درع الفرات من جهة إعزاز (شرقا)، لم نجد انتشارا «منطقيا» لعناصر (ي ب ك)، وكأننا لسنا على خط النار الأول.. إن خطة موضوعة بهذا الشكل مقابل جيش منظم عضو في الناتو ويملك أسلحة متطورة مثل الجيش التركي، فهي معادلة غير مناسبة بين الطرفين وتقودنا إلى تساؤلات عديدة؟ الفلسفة هنا تختلف عن أي فلسفة قتالية أخرى، فالخط الأول من أي جبهة، مكلف بتأجيل وتأخير تقدم أية قوات، فيما تكون التعزيزات العسكرية على الخط الثاني والثالث. ويقول عناصر (ي ب ك) أنهم مستعدون لمثل هذه المواجهة، إلا أنني لم أر أسلحة ممكن أن تواجه أسلحة متطورة كما هي لدى الجيش التركي، أما المقاتلون فلا تكاد ترى سوى العشرات، ذلك أن إستراتيجية الإنفاق هي السائدة على كل الجبهات، فهناك المئات من المقاتلين تحت الأنفاق التي حفرها (ي ب ك)، على مدار سنوات الاستقرار الماضية في مدينة عفرين. إن هذه الحرب كانت مرتقبة، فالكل يعتبر أن العملية التركية مرحلة لابد من تجاوزها، لتأطير العلاقة مع تركيا ومع القوى المحلية، فالمعركة في عفرين سيكون لها منتج جديد على مستوى تركيا والجيش الحر وكذلك (ي ب ك). رهان (ي ب ك)، يرتكز بالدرجة الأولى على الحرب الطويلة، التي يرى أنها حرب استنزاف لتركيا، خصوصا وأنه اتخذ تحصينات تحت الأرض بشكل دقيق على كل الجبهات، أما من حيث عدد العناصر فهناك إجماع من كل الجبهات أن لديهم ما يكفي لإدارة المعركة طويلة كانت أم قصيرة، خصوصا وأن نظام التجنيد للشباب للدفاع عن عفرين في حالات الحرب، مسألة قائمة في كل المناطق التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب». القوات الخاصة على خط النار في إطار الاستعداد للحرب مع تركيا، زجت «وحدات حماية الشعب»، بالقوات الخاصة على الخطوط الأمامية مع جبهة درع الفرات، وتحديدا على جبهة العلقمية المواجهة لقوات درع الفرات. قوام هذه القوة من الشباب، وهي قوة مدربة على القتال بشكل عال واحترافي ومهمتها منع سقوط أي من الجبهات، يقود هذه القوات شاب يدعى «سيرفراز»، التقته «عكاظ» على خط النار، إذ أكد أن أي معركة أو هجوم على جبهة العلقمية لن يكون سهلا على الإطلاق، فتسليم أي جبهة بالنسبة لهذه القوات يعني الموت حتما.. وهذه هي القاعدة القتالية السائدة، فكل نقطة أو موقع يسقط بيد قوات درع الفرات أو الجيش التركي، يعني أن كل من كان يقاتل على هذه الجبهة قد قتل حتما. يبلغ قوام هذه القوات أكثر من 1000 مقاتل تقريبا، ينتشرون على الخطوط الأمامية لكل جبهة، سلاحهم الأساسي هو «الدوشكا» و «بي كي سي». تكتيك ال«كريلا» ليس سرا القول إن عددا لا بأس به من عناصر حزب العمال الكردستاني (بي كاكا)، يشاركون على جبهات القتال في عفرين، وهم الأكثر خبرة وتمرسا على القتال، إذ عادة ما يتموضعون على الخط الأمامي. تمارس هذه العناصر، حرب العصابات ضد الجيوش الرسمية، خصوصا في المناطق الجبلية، وكلا الجانبين التركي و«الكردستاني» يعرفون بعضهم الآخر، من خلال الحرب الطويلة في جبال قنديل جنوبتركيا. أحد القيادات الميدانية على جبهة أيسكو على خط جنديرس، قال ل«عكاظ» خلال جولتها في تلك المنطقة «ستكون تكتيكات ال «كريلا» بانتظار الجيش التركي أينما كان، هذه حرب طويلة، بعد أن تنتهي الغارات الجوية.. الأرض هي من تحسم المعركة.