في مستهل الحوار التلفزيوني الرياضي الموسع الذي بثته قناة روتانا وشارك فيه رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ، بدأ الزميل تركي العجمة حديثه بطمأنة الحضور بأنه بإمكانهم توجيه أي سؤال يخطر ببالهم، وكاد أن يقول «اسألوا وعليكم الأمان»، وهذا يعكس الحالة التي عاشها الوسط الإعلامي الرياضي بعد الدخول القوي والمفاجئ والمربك لرئيس الهيئة الجديد الذي صاحبته عملية «ضبط إعدادات» لعدد من الإعلاميين الرياضيين الذين عرف بعضهم بطرحه الرياضي المتعصب والمسيء. وفي الحوار التلفزيوني كان السؤال الأبرز -بالنسبة لي- هو سؤال اللاعب الخبير تيسير الجاسم، الذي قال إن مديح الإعلام لتركي آل الشيخ والتوقف تماما عن نقده أمر غير صحي، وهو ما أيده آل الشيخ نفسه، مؤكدا ترحيبه بكل أشكال النقد ما عدا الإساءة الشخصية. وكان الزميل أحمد عدنان قد وجه سلسلة من التغريدات في موقع تويتر انتقد خلالها طريقة عمل آل الشيخ، فغرد الأخير معبرا عن ترحيبه وتقديره لآراء الزميل أحمد عدنان، مؤكدا أنه يبحث عن مثل هذا النقد منذ فترة طويلة. وكان من بين الردود على تغريدات أحمد عدنان رد للزميل فهيد العديم قال فيه إن المشكلة تتمثل في أن أحمد عدنان لو جمع تغريداته في مقال لما نشره أحد، وإن صح كلام العديم فإن الخطأ هنا خطأ رؤساء التحرير وليس خطأ تركي آل الشيخ. على أية حال، نعود لنقول بأن تركي آل الشيخ قاد المركبة الرياضية بسرعة مرعبة ولم يعط الركاب فرصة أن يتعرفوا على بعضهم البعض، واتخذ قرارات جريئة أغلبها صحيحة وبعضها متسرعة، ودعم الأنشطة الرياضية المختلفة بأموال طائلة، ومارس سلطته بشكل كامل على كل الرؤوس الكبيرة في الوسط الرياضي دون محاباة أو تردد، وأطلق سلسلة هائلة من المبادرات المبتكرة لتطوير الرياضة السعودية، وأعاد تشكيل أغلب الهيئات الرياضية، وتحرك بسرعة دوليا وآسيويا وعربيا وخليجيا كي يصنع مكانة أقوى للرياضة السعودية، وتواجد بشكل شبه يومي للتفاعل مع الأحداث الرياضية سواء على شاشات التلفزيون أو في وسائل التواصل الاجتماعي.. وكل هذا غير معتاد من مسؤول حكومي كبير، خصوصا وأن «عملية نفض العفش» هذه تمت في أشهر قليلة وبمعدل عشرة آلاف حدث في الدقيقة! وهذا ما أدى إلى خلق حالة من الارتباك في الوسط الإعلامي الرياضي، والتي أشار لها الزميل أحمد عدنان في تغريداته والكابتن تيسير الجاسم في مداخلته التلفزيونية. ومن الأمور التي ساهمت في زيادة حالة الارتباك أن تركي آل الشيخ من أقطاب المواجهة الإعلامية مع قطر، وهو يتعرض لهجوم دائم وحملات تشويه مستمرة بسبب موقفه، هذا ما جعل التوقف عن نقده يأتي في إطار التضامن الوطني معه في هذا الموقف، ولكن في ظني أن تركي آل الشيخ يقود مشروعا رياضيا جريئا ويساعد الكرة السعودية على تحطيم أصنام وأسماء لا تمس صارت رغباتها أهم من اللاعبين والجمهور، ومن الطبيعي جدا أن يرتكب عددا من الأخطاء في بداية مشروعه الكبير والطموح ما دام يعمل بكل هذا النشاط المكثف، وقد تتراكم هذه الأخطاء دون أن يشعر إذا لم يكن ثمة إعلام ينبهه إلى أخطائه، ومتى ما أدرك الإعلاميون الرياضيون أن الحركة الرياضية ملك للجميع وأن تركي آل الشيخ هو المسؤول الأول فيها ولم يسم «مسؤولا» إلا كي يسأل عما يفعل في شأن يخص الجميع، استطاعوا أن يقوموا بواجبهم المهني الحقيقي الذي يسألهم عنه القارئ.