هذا كتاب من تأليف الدكتور محمد توفيق بلو وقد أهداني نسخة منه بحكم معرفته بصداقتي لجده الشاعر الفذ طاهر زمخشري، أو بابا طاهر– رحمه الله - كما كنا نسميه؛ لأنه أول من قدم برنامج الأطفال عند بدايات افتتاح الإذاعة بالمملكة. ولم يصلني من الكتاب سوى الجزء الأول الذي سرد فيه المؤلف حياة الطفولة والصبا، وانتقاله من حي الكندرة إلى حي الشرفية، إلى البغدادية بجدة بعد وفاة والده وقيام الأديب الشاعر طاهر زمخشري برعايته هو وإخوته. ولد المؤلف بجدة وقضى السنوات الأولى من حياته في سانت لويس بولاية «ميزوري» في وسط الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولما عاد إلى جدة، ومع اختلاف المزاج والحالة إذا به يصيح أبغى أمريكا أبغى أمريكا. وقد ذكر أنه درس في مدارس جدة ورسب في السنة الرابعة الابتدائية في مادة الحساب بسبب قسوة المدرس عليه آنذاك، عندما ضربه لعدم كتابته الواجب وصدم رأسه في السبورة وسال الدم من فمه. لكنه تجاوز هذا الفشل وانتقل إلى مدرسة العزيزية وفيها اجتهد وثابر حتى صار من المتفوقين. وقد قدم للكتاب الدكتور إبراهيم فؤاد عباس، إذ قال: «ساهمت عدة عوامل في بلورة شخصية محمد توفيق بلو – إضافة إلى تأثره الشديد بجده (بابا طاهر) من أهمها إقامته في أمريكا وهو ما زال طفلاً صغيراً، إذ بدأت تتبلور في ذهنه النواة الأولى لأهمية الاندماج الثقافي والعرقي بين المجتمعات، وخطورة العنصرية المقيتة وأضرارها البالغة على المجتمعات. محمد توفيق بلو، ومن خلال هذه القراءة الممتعة لسيرة حياته في جزئها الأول، يحمل أولا وقبل أي شيء لقب إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معاني السمو والنبل والإحساس المفرط بالألم والفرح والحزن والرضا، والإصرار على التميز والنجاح مهما عظمت التحديات وتعثرت مسيرة الإنجاز، مع سلسلة الفقد الذي طالت حلقاته خلال تلك المسيرة الشاقة، بدءاً من فقدان والده، وجده (بابا طاهر)، وحتى فقدانه عمله مرتين عبر صدمتين موجعتين، مروراً بفقدانه بصره. لكن ظلت الابتسامة بالرغم من هذه السلسلة المؤلمة – لا تفارق محياه – ويكفي محمد توفيق بلو فخراً، أنه مؤسس جمعية (إبصار) التي تعتبر منجزاً وطنياً وإنسانياً وحضارياً بامتياز. رحلة محمد توفيق بلو مازالت تبحر في البحر الأحمر الذي يعشقه، ولابد أن يسطر المزيد من الصفحات المضيئة في مسيرة حياته المثمرة إن شاء الله. السطر الأخير: قال أحمد شوقي في قصيدة «مملكة النحل»: إن الأمور همة.. ليس الأمور ثرثرة [email protected]