يصطدم نحو مليون مواطن من أبنائنا وبناتنا الباحثين عن عمل وعددهم بحسب أرقام الهيئة العامة للإحصاء للربع الثاني من عام 2017م ( 1,075,933 )، يصطدم هذا العدد بكم من المعوقات التي لم تفد الكثير من الإجراءات الحكومية في حلها، رغم الهالة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت برامج التوطين خلال السنوات الماضية، والتي ومن وجهة نظر خاصة جدا ووجهت بتحايل أرباب العمل وبالتساهل في فرض «التوطين» وتوجيهه إلى مهن غير مغرية لأبناء وبنات المواطن وترك مهن أخرى يشغلها غير المواطنين الذين تبلغ نسبتهم 73.4% من قوة العمل في بلادنا، ولو استثنينا المهن غير المهارية وغير المكتبية والعمالة المنزلية والمهن الخدمية الدنيا، فإننا سنجد أن المهن الباقية يمكن توطينها دون المساس أو التأثير على أعمال ونشاطات القطاع الخاص إذا ما توفرت النية الخالصة والرغبة الصادقة في تمكين المواطن والمواطنة من تسلم مسؤولية العمل في أي مجال يخدم الوطن والمواطنين، ويعود بالنفع على المجتمع بكامله، لأن كل مقابل مادي «شريف» يحصل عليه المواطن، لن يخرج من حدود الوطن كتلك المليارات من الريالات التي تقوم بتحويلها العمالة الوافدة، والتي بحسب إحصائيات بداية العام الميلادي بلغت 11.9 مليار ريال خلال شهر أبريل من العام الماضي وهي برغم انخفاضها عن السابق، إلا أنها تظل مبالغ عالية جدا يفقدها الوطن بشكل شهري، ويمكن أن تنخفض إذا تم ترشيد إعداد العمالة الوافدة وتفعيل «التوطين» بشكل علمي مدروس، خصوصا في المهن التي يمكن للمواطن شغلها بكل كفاءة واقتدار، ويمكن للقطاعين العام والخاص وضع خطة إستراتيجية مدروسة وغير ارتجالية تضع ضمن أولوياتها حل هذه المشكلة، ومراعاة تزايد أعداد المواطنين الخريجين من الجنسين في كل عام والذين سيزيدون نسبة البطالة أن لم يتم التعامل مع هذا الوضع على أساس أنه واجب وفرض على الجهات الحكومية المعنية، فلا معنى لأن نجد مئات الخريجين في تخصصات طبية مساعدة يبحثون عن عمل ومثلهم من خريجي التخصصات العلمية الأخرى كالهندسة والمالية على سبيل المثال لا الحصر. لقد كنت ومازلت أعتقد بأن مسألة التوطين وتخفيض نسبة البطالة أحد أهم أهداف الوزارات والمؤسسات والهيئات، لكن استمرار المشكلة وعدم وجود مؤشرات حقيقية لحلها طوال السنوات الماضية تجعلنا أمام وضع لا أقول بأنه فساد وإنما هو فشل في تحقيق أحد أهداف الدولة، ويحتاج إلى مساءلة وتقص وحكم رادع على المقصرين.