محمد سعيد عمير تبذل وزارة العمل جهودا واضحة في محاولة لحل الإشكالات العالقة في سوق العمل منذ زمن؛ لتصل إلى واقع أكثر فاعلية يتواءم مع الواقع، ويناسب كل الشرائح المجتمعية سواء العامل أو المستثمر أو الموظف. وهناك عقبات كبيرة بلا شك تعيق التقدم والوصول، فقد تكون الأحلام أكبر وأكثر تفاؤلا من الواقع الذي يصطدم بكثير من التحديات، ولكن أن تصل متأخرا خير من ألا تصل، وواجبنا كمجتمع بكامل أطيافه وعلى جميع أصعدته من المسؤول إلى المواطن، أن نساعد في تحقيق الأهداف التي تعود على الوطن والمواطن بالنفع. ولعل اقتراح وزارة العمل بإشراك المواطن وأصحاب الشركات والمؤسسات والموظفين لطرح آرائهم واقتراحاتهم، والإشكالات التي يجدونها في موقع الوزارة للاستفادة منها وتطوير واقع العمل؛ تجاوب جيد يعطي مصداقية لفرض أفضل الحلول، وإيجاد واقع أقرب للتطبيق. كما أن ما قامت به الوزارة مؤخرا بالتعاون مع القطاعات الأخرى في منع تسيب العمالة والتستر، وقفل أبواب التحايل خطوة إيجابية جدا، وأصبحت واقعا ملموسا وإن لم يصل تطبيقه إلى الوضع المثالي، فما زالت هناك شريحة من المواطنين لا ترغب في التعاون مع توجهات وزارة العمل؛ للحد من تلك المشاكل التي أرهقت الاقتصاد الوطني كثيرا، وأنتجت أعدادا كبيرة من البطالة في سوق العمل، وتسببت في تفريغه من أبناء الوطن، وأتاحت الفرصة للوافد لشغل تلك الوظائف والمهن المتاحة في السوق، كذلك وضع نظام "نطاقات" أوجد حلا إجباريا للحد من التهرب في توظيف شباب الوطن، وإن كان هناك شيء من التحايل قد لا تستطيع الوزارة الحد منه أو الوقوف ضده، إن لم يتعاون المواطن مع الوزارة في هذا الشأن؛ فقد وُجد توظيف وهمي ينتهجه البعض بتوظيف نفسه في مؤسسته أو أحد أبنائه أو أقاربه أو غيره، وإعطاء نسبة توطين لوظائف غير حقيقية، وسواء شعر من يقوم بذلك أم لم يشعر، فتحايله هذا يقوض ما تم فعله وإنجازه، والنتيجة الحتمية إضاعة كل الجهد المبذول؛ من أجل التقليل من البطالة، وإيجاد دخل حقيقي لمن يرغبون في العمل. وبما أن وزارة العمل تقوم على خدمة المواطن بشكل مباشر، وتقدم خططها التي يعتمد بشكل أساس على المواطن كركيزة، فهو حلقة مهمة في منظومة العمل، فالوزارة مهما بذلت من جهد، وأوجدت خططا ومفاهيم وأنظمة، فلن تطبق في عالم خيالي أو غير واقعي، فالنظم تبقى أطروحات على ورق، إن لم تجد واقعا صحيا، وإن لم يستشعر المواطن نفسه الدور المفصلي الذي يقوم به في إنجاح كل تلك المساعي، وأنه الهدف الرئيس من كل هذا الجهد، وأن المصلحة تكون للوطن عامة، وأنها مهمة وطنية في المقام الأول، إن لم يستشعر ذلك ويعمل هو على إكمال الدور المناط به، فسوف تبقى تلك الجهود ناقصة تعاني من تحديات قوية تضيع فرصة توطين المهن والوظائف وشغلها بأبناء الوطن، والاستغناء عن الوافد الأجنبي ولو على أمد طويل بعض الشيء، فكل دول العالم تعتمد على شعوبها تماما في كل مناحي الحياة، وليس كما يحدث لدينا من اعتماد شبه كامل في كثير من المهن على الوافد لشغلها، حتى أصبحنا لا نستطيع الاستغناء عن تلك العمالة، حتى وإن رغبنا في ذلك؛ فقد أصبحت واقعا مفروضا لا مناص منه.