لم يكن أحد يعرف على وجه الدقة، سبب الدوي الذي حدث قرب «جبل ريدة»، وهي منطقة شديدة الوعورة، شاهقة الجبال، يرتادها الرعاة في حذر، وكتبت الأقدار أن يصبح الموقع محط الأنظار إثر تحطم «طائرة البلاك هوك» التي كانت تقل نائب أمير عسير الأمير منصور بن مقرن وعددا من المسؤولين أثناء جولة جوية على مشاريع المنطقة. يبدو أن راعي الأغنام علي سراج خان هو الشاهد الوحيد على سقوط وتحطم الطائرة بعد اصطدامها بجبل.. يقول ل «عكاظ»، «أثناء رجوعي من سهول تهامة، ومعي قطيع من الأغنام، سمعت صوت دوي عالٍ في موقع غير بعيد عن المكان الذي كنت فيه، نظرت من التل إلى المنحدر ورأيت الوميض ثم ألسنة نيران، لم أعرف ما حدث بالضبط، وعرفت أخيرا، أن طائرة تقل مسؤولين سقطت وتحطمت» حزن عميق ساد منطقة عسير بعد بث النبأ رسميا، وغفت عسير على وقع الحزن الكبير برحيل نائب أميرها ومعه عدد من المسؤولين أثناء عودته من رحلة تفقدية لمحافظة البرك وسواحل عسير، فالراحل منصور بن مقرن لم يهدأ له بال منذ أن تولى موقعه كنائب لأمير المنطقة في 25 رجب 1438، إذ استهل مسيرته بتدشين مشاريع خميس مشيط وأحد رفيدة، وفي صيف العام نفسه دشن حملة تحمل اسم «النظافة دين وخلق»، وشارك المسنين والأيتام الأفطار في رمضان الماضي، ولن ينسى العسيريون الموقف الإنساني للأمير الراحل عندما أزاح عن كاهل مسن ديونا بلغت نحو 150 ألف ريال، وآخر مهماته افتتاح ممشى حي المروج بالمنسك قبل ستة أيام من رحيله. الحزن العميق ذاته ساد أوساط المنطقة على رحيل وكيل إمارة المنطقة، سليمان الجريش، أمين المنطقة صالح القاضي، محافظ محايل عسير محمد المتحمي، ومدير فرع الزراعة فهد الفرطيش، رئيس المراسم في الإمارة خالد الحميد إلى جانب سعود السهلي والنقيب عبدالله الشهري مرافقي الأمير، وطاقم الطائرة النقيب نائف الربيعي والملازم أول محمد الشهراني. «عكاظ» تواجدت في محيط جبال ريدة منذ الساعات الأولى للحادثة الأليمة للطائرة التي عثرت الأجهزة المعنية على حطامها في العاشرة ليلا. وفي المنطقة تواجد شاهد العيان الثاني محمد عسيري فتوقع أن تكون السحب الكثيفة التي تغطي الجبال سببا في السقوط والتحطم، «لم نشعر بشيء غير اعتيادي، وفي وقت قصير حلقت الطائرات وكثفت الجهات الأمنية حضورها فأدركنا أن شيئا ما قد حدث في جبل ريدة». لقّن مسلماً فلبينياً «الشهادتين» لقّن الراحل، نائب أمير منطقة عسير، رئيس مجلس التنمية السياحية الأمير منصور بن مقرن، الشهادة لأحد المسلمين الجدد خلال زيارته الأخيرة لخيمة أبها الدعوية في نسختها التاسعة بحي المنسك الصيف الماضي. وأعلن فلبيني الشهادتين أمام الأمير الذي قدم له جائزة المسلم الجديد. وقال الراحل: «أشكر الإخوان الذين أعطوني هذا الشرف الذي اعتبره الأكبر في مسيرة حياتي كلها ولله الحمد، وأسأل الله أن يجعله في موازين الحسنات، وأن يتقبل هذا العمل منا ومنكم».