دوام الحال من المحال. أزمان يداولها الله بين الناس، وحكايات تخلد أصحابها بالدمع، فكل من على هذه الأرض فان، ويبقى العمل الطيب عنوان السيرة الحسنة. والبصمة المؤثرة لا تمحى من ذاكرة البشر. نجوم كثيرون ضربوا أروع قيم الخلود في ذاكرة الجمهور الوفي.. نجوم أجزلوا في العطاء، ولم يأخذوا غير هموم مغلفة بالقلق، أودت بحياتهم في غفلة من الزمن المرّ.. نجوم خسرتهم الرياضة السعودية، وشيعتهم إلى مثواهم في ذاكرة الخلود مكللّين بالبكاء، بعد أن تركوا وراءهم عقودا من الإنجازات. دائما ما تأسرني اللحظة، عندما أجد نفسي أسيرة الموقف الإنساني، ونروح نختبئ في جبّ المأساة. نحاول أن نجد عذرا لأنفسنا، عندما نقف مكتوفي الأذرع، بلا حول ولا قوة، نواسي زملاء لنا ورياضيين مبدعين، داهمتهم الأقدار بغتة فوهنوا، وناموا في حدقات المرض، يهزّهم الألم كل لحظة، ويهتك اليأس أجسادهم، ولا يجدون غير الصبر سلواهم، وحتى دموعهم تستحي أن تنهمل؛ لئلا تتهم باستجداء الشفقة، فالعمر بأرذله كابن آوى، غدّار بصاحبه، يرافقه إلى وديان البؤس، لكنه لم يستطع أن يهزم كرامته، آخر الحصون الذاتية قبل طوفان الابتذال! يا لعار المبادئ، أن نلوذ بصمتنا، ونترك للعتاب حرية الكلام، لماذا ننسى وجع الآخرين، وتمر الكلمات فوق أسطر (التنويه) مثل (خبر عاجل) ينتهي التفاعل معه حال تزاحم الأخبار، أليس للأبطال من جيل الوفاء حق علينا، ما دورنا، ونحن نرى ونسمع عن مصائب محمد رمضان، وعبدالله سليمان، ومن سار على درب همومهم، ولا نتكلم؟! عجبي أن يهلّل البعض لإقامة صندوق تكافلي يوزع (فلسان) الصدقات على عواجيز الرياضة، وروادها، بمبادرة موسمية تضع الرياضي السعودي الخلوق على طبق مادي بحت، وتختزل صورته بأنه (مطلبي.. ومتسول..)! متناسين عن عمد كل فضائله، وتضحياته، وإخلاصه في واجباته، تجاه رياضة بلده، التي غرس لها بذرة شبابه، لتزهر بالعطاء، وتورق بالخبرة، وتثمر بالنتائج العظيمة. للأسف لم تعد الإنسانية تعني الآصرة القوية بين الناس، أو تشكل اهتماما بارزا في جدول أعمال المؤسسات الرياضية المختلفة، فالمتابعة والتواصل مع أزمات الرياضيين والإعلاميين غائبة تماما.. ولم يعد المرء يُذكر إلاّ إذا مات، وانقطع عمله..