هاجم رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل، الحكومة اللبنانية بشدة، متهما إياها بأنها تحولت «أداة تنفيذية» بيد ميليشيا «حزب الله». وقال الجميل في حوار مع «عكاظ»، إن من يقرر بالحكومة هو حزب الله، والوزراء غير الموافقين على هذا النهج هم «شهود زور». وشدد على أهمية تصدي المملكة لمحاولات إيران ضرب استقرار المنطقة، ورفض تحالف حزب الكتائب مع التيارات والأحزاب المكونة للسلطة في الانتخابات القادمة، مراهنا على قدرة الشعب اللبناني على مقاومة هيمنة «حزب الله» على الدولة. • أثارت زيارتك إلى المملكة موجة تحليلات، ماذا تقول عن هذه الزيارة؟ •• العلاقة مع السعودية قديمة، وكان ضرورياً أن نتعرف على القيادة السعودية الجديدة التي أظهرت أسلوباً جديداً في التعاطي بالعمل السياسي الذي يحمل نفحة شبابية لافتة جداً، ونفحة إصلاحية كبيرة، فأتت الزيارة في سياق التعارف لأننا في لبنان وتحديداً حزب كتائب نقوم بعمل إصلاحي تغييري. • ما هو تعليقكم على ما تم ترويجه تزامناً مع زيارة عدد من القياديين اللبنانيين إلى المملكة، من تعليمات سعودية لترميم 14 آذار، وتسخين الوضع مع «حزب الله» ومنع محاولات التطبيع مع سورية؟ •• كل ما يشاع لا يتخطى التحليل، أما بالنسبة لنا فلم يُطرح علينا خلال لقائنا مع كبار المسؤولين السعوديين أي من هذه التأويلات، لقد كان لقاؤنا مع الأمير محمد بن سلمان إيجابياً، تبادلنا هواجسنا حيال المنطقة، وكان هناك حرص مشترك على استقلال وسيادة لبنان، وأن لا يستفرد أي طرف بالقرار اللبناني الرسمي، وهذا ما سعى ويسعى له حزب الكتائب منذ فترة طويلة، ولا أخفي ارتياحاً لأن السعودية حريصة وقلقة على لبنان وسيادته بقدر قلق اللبنانيين على أنفسهم. • كيف تقرأ الدور السعودي في المنطقة؟ •• الكل يعلم المواجهة الكبيرة التي تقوم بها المملكة باتجاه كل محاولات ضرب الاستقرار في المنطقة التي تقوم بها أذرع إيران كما هو معلوم للجميع، المملكة ليست حريصة على لبنان وحسب بل على كل دول المنطقة، ففي لبنان مثلاً نحن ضحية اللااستقرار بسبب ما تقوم به ميليشبا «حزب الله» ومواقفها باتجاه الخليج، ونتمنى أن لا يجرنا الحزب إلى أي مواجهة عربية، فنحن حريصون على علاقاتنا مع المملكة ومع إخواننا العرب لأننا وحدنا سندفع ثمن انعدام الاستقرار الذي نعيشه والذي ما زال يورطنا به الحزب. منظومة الشر • هناك حلف دولي بدأ بالتشكل ضد ايران. أين لبنان من هذا الحلف؟ •• هناك محاولات مستمرة لأن يكون لبنان جزءا من المنظومة الإقليمية، أي المنظومة الإيرانية التي تضم بشار الأسد وحزب الله، نحن مع تحييد لبنان عن هذا الصراع لأن لبنان لا يحتمل، فلبنان بتركيبته الاجتماعية من الممكن أن ينفجر بأي لحظة إذا تم أخذه باتجاه أي محور، والمملكة حريصة جداً على تحييد لبنان عن هكذا صراعات وعدم جره لمواجهة الدول العربية كما يحاول حزب الله جر كل اللبنانيين إلى أن يكون جزءا من محوره السياسي. • هذا يؤكد الفكرة السائدة بأن لبنان وقراره الرسمي تحت هيمنة «حزب الله»؟ •• بعد الصفقة الرئاسية التي حصلت منذ عام، وضع حزب الله يده على القرار اللبناني وقد تجلى ذلك من خلال مواقف رئيس الجمهورية الرسمية الداعمة لسلاح حزب الله ودور منظومته في لبنان، وتجلى ذلك أيضاً من خلال وضع اليد على الحكومة بحيث أنّ نصف وزراء هذه الحكومة يؤمنون بمشروع حزب الله ومقاومته، مروراً باجتماع وزير خارجية لبنان جبران باسيل بوليد المعلم، وصولاً إلى تفاوض الحزب مع داعش بالجرود. حزب الله هو من يعطي الأوامر للدولة اللبنانية، وهو من يقرر سواء في صفقة الجرود أو غيرها، فبيد الحزب بدء انطلاق المعارك وبيده أيضاً قرار إنهائها، فيما الدولة اللبنانية لعبت دور منفذ الأوامر. حزب الكتائب رفض هذه الصفقة ورفض هذا الانتخاب لأنه كان يعرف نتائجها مسبقاً وتبين أن الكتائب كان محقاً، فقد انتقل لبنان بأسره إلى مكان آخر. وهنا يكمن دور اللبنانيين برفض هذه الهيمنة وتأكيدهم لسيادة لبنان وقرارهم الحر، كما يجب أن يتوحد موقف العالم العربي والدولي من أجل دعم سيادة لبنان ورفض أي تدخل بشؤونه الداخلية. رفض التطبيع • بعد زيارة وزراء لبنانيين لسورية، لبنان على موعد مع زيارة وزير سوري. فما هو موقفكم من التطبيع مع النظام السوري؟ •• هناك ملفات أساسية يجب إيجاد الحلول لها قبل القيام بأي عملية تطبيع، وأعني ملف تفجير اللبنانيين، فباعتراف القضاء اللبناني أن هناك أوامر قد أعطيت من رئيس الأمن الوطني في النظام السوري علي المملوك، والكل يعرف أيضاً ملف ميشال سماحة وما كان يخطط له. والسؤال المطروح، كيف يمكن للبنان الرسمي أن يتخطى مذكرة توقيف صادرة عن القضاء اللبناني بحق مسؤول رفيع بالنظام السوري؟ السؤال برسم وزارة الخارجية، كيف يمكن أن تستمر العلاقات طبيعية مع النظام وكأن شيئاً لم يكن؟ لبنان الرسمي يجب أن يكون محايداً تجاه الصراع السوري وأن ينفذ سياسة النأي بالنفس، لأن اللبنانيين منقسمون حول هذا الموضوع، فحزب الكتائب من الفريق اللبناني الذي يعتبر أن النظام السوري احتل لبنان 30 عاماً ونهب خيراته وأمواله، واغتال قادته، والحكم القضائي الأخير (قضية اغتيال بشير الجميل) يؤكد أن النظام السوري يقف خلف اغتيال رؤساء جمهورية لبنان. محاولة التطبيع مع النظام تجري خلافاً لرأي جزء كبير من مجلس الوزراء لكن ما حذرنا منه حصل، فمن يقرر بالحكومة هو حزب الله، والوزراء غير الموافقين على هذا النهج هم «شهود زور» وأكثر من ذلك هم يمنحون الحزب الشرعية لممارساته عبر الحكومة اللبنانية. • اللبنانيون منقسمون حول ملف النزوح، البعض يعتبر عودتهم تطبيعا مع النظام، والبعض يعتبره ملحاً أمام عدم قدرة لبنان على تحمل الأعباء، كيف تقرأ هذا الملف وما هي رؤيتكم للحل؟ •• ملف النزوح بالنسبة لنا هو كارثة كبيرة، لذلك نحن مع أن تقوم الخارجية اللبنانية بكل الجهود إن مع الأممالمتحدة أو عبر إيجاد وسيط يقوم بعملية التفاوض مع النظام السوري ومع المعارضة السورية لأن المناطق جزء منها تحت سيطرة المعارضة وجزء تحت سيطرة النظام. لبنان لا يمكنه التفاوض بشكل مباشر مع النظام لأنه لا يمكننا تخطي مشكلتنا معه، وكما اعتمد حزب الله على الألمان كوسيط مع إسرائيل من أجل استرداد أسراه، يجب أن يكون هناك وسيط بين لبنان والنظام السوري من جهة ولبنان والمعارضة السورية من جهة أخرى، لأنه لا يجوز تسليم النازحين الموالين للمعارضة إلى النظام لأنهم سيتعاقبون. • هل يرى حزب الكتائب خسارة في خلافه مع تيار المستقبل؟ وماذا عن عزلته السياسية بعدما خسر حلفاء الأمس إن صح التعبير ونحن على أبواب انتخابات؟ وهل رهان الكتائب على الحركات المدنية والشعبية يوازي تحالفات المنظومة السياسية؟ •• لا خلاف مع تيار المستقبل كخلاف، هناك خلاف بين المعارضة والموالاة، والكتائب تقود المعارضة اليوم في لبنان وتعارض أداء السلطة ونهجها السياسي بكافة مكوناتها. هذه السلطة هي جزء من تسوية سياسية نحن نرفضها، لذلك لن يتحالف حزب الكتائب مع التيارات والأحزاب التي تتكون منها السلطة، حزب الكتائب يؤمن بأن لبنان بحاجة إلى تغيير بنيوي بنهجه السياسي، هي ليست معركة انتخابية عادية. النهج السياسي الحالي قائم على مخالفة الدستور وعلى الصفقات السياسية والاقتصادية والمالية أي قائم على الفساد وخارج عن منطق المؤسسات التي يعتبرها فقط للتصديق على قراراته المتخذة خارج المؤسسات، فضلاً عن النهج المتخلي عن سيادة واستقلال لبنان ويعتبر أنه من الطبيعي أن يكون لبنان محكوما من خارج مؤسساته وأعني حزب الله بما خص القرارات الكبرى. • إذن كيف لحزب الكتائب أن يتحالف مع التيارات والأحزاب التي تعتمد هذا النهج؟ •• هناك جزء كبير من اللبنانيين مستاء جداً ويريد نهجاً جديداً، لذلك رهاننا اليوم هو على هؤلاء اللبنانيين الذين يطمحون إلى نهج يعتمد الشفافية والقانون ومتمسك بالسيادة ويرفض أي وصاية على القرار اللبناني، نهج يؤمن بحق الشعب اللبناني في تقرير مصيره. وهذا هو توجهنا في الانتخابات القادمة، ليست المرة الأولى التي سيكون فيها الشعب اللبناني في المواجهة من أجل التغيير، فقد واجه عام 2005 وجود الجيش السوري، لن نقبل بعد اليوم بالأمر الواقع المفروض علينا وسنواجه بكل الوسائل الديموقراطية المتاحة. «الكتائب» يطمح إلى راحة الضمير.. واستعادة القرار أكد سامي الجميل أن «حزب الله» ليس مستعدا للقيام بأي تغيير في نهجه، مشيرا إلى أن حزب الكتائب ومن خلال محطات عدة تأكد من بعض الإشارات الصادرة عن الحزب أنه ليس على استعداد أيضا لطي صفحة وفتح صفحة جديدة مع اللبنانيين على أساس احترام سيادة الدولة. وأضاف الجميل أن خطاب حزب الله وأداءه يؤكدان أن لا نية لديه في التغيير. فمهمتنا صعبة إلا أنه لا خيار أمامنا غير الصمود ومقاومة الظلم والمواجهة من أجل بناء دولة حضارية متطورة مستقلة، ورهاننا كبير على قدرة الشعب اللبناني على مقاومة الظلم. لا يمكن لحزب الله أن يستمر بسلب قرار وحق اللبنانيين من تقرير مصيرهم. وحول إن كان حزب الكتائب يرغب في الإعلان عن الجبهة الوطنية للمعارضة خصوصا بعد اللقاء الذي جمعهم باللواء أشرف ريفي المعارض بدوره للسلطة قال: المعارضة موجودة وتقوم بدورها وتحقق إنجازات، نحن في مواجهة بشكل يومي وبكل الوسائل إن عبر الإعلام أو في المجلس النيابي وفي الشارع إن اقتضى الأمر، سنذهب إلى الانتخابات كمعارضة وستكون بصورة أكثر وضوحاً وعلانية، فالمعركة الانتخابية المرتقبة كبيرة. وفي ما يتعلق بطموحات رئيس حزب الكتائب، أوضح الجميل أن حزب الكتائب يطمح إلى راحة الضمير. فإما أن نكون جزءا من الخطأ المرتكب بحق لبنان، أو جزءا من نهج سياسي مدمر للدولة اللبنانية، أو أن نقوم بالمواجهة وبما يمليه علينا ضميرنا. وحول كيفية الوصول إلى دولة المؤسسات والقانون التي يسعون لها، وكيف ستتحقق في ظل وجود سلاح حزب الله، أشار إلى أن الجزء الأساسي من الإصلاح المطلوب يكون عبر استعادة القرار اللبناني، فلا يمكن أن نقوم بإصلاح في ظل وجود من يقرر مستقبلنا ومستقبل الشعب اللبناني.