يدرك بوتين أن السعودية تشكل القطب الأبرز في الشرق الأوسط سياسيا واقتصاديا، باعتبار أن المملكة هي مرجعية العالمين العربي والإسلامي، وكلمتها هي الفصل في المنطقة، لذلك دعت موسكو الملك سلمان بن عبدالعزيز لزيارتها عند أخطر المنعطفات السياسية والأمنية والعسكرية التي تعيشها المنطقة. يدرك أيضا بوتين أن روسيا التي دخلت الملعب السوري بعد نشوء الأزمة، أن أي تورط لموسكو في المنطقة لن يخرجها منه سوى السعودية التي تراقب المنطقة عن كثب، كما أنها تدرك أيضا أن الرياض عاصمة ليست ككل العواصم، وأنه لا يمكن تجاوزها بأي شكل من الأشكال. ولا شك أن الأزمات التي تعيشها موسكو سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا، باتت تتطلب التحرك الروسي باتجاه السعودية لتعميق العلاقات السياسية مع المملكة على أساس المصالح المشتركة، وباعتبار الرياض قائدة العالمين العربي والإسلامي، الأمر الذي يحتم على موسكو بناء تحالفات من نوع ما مع السعودية الأهم في الشرق الأوسط، وهو ما برز من خلال حرص موسكو على دعوة خادم الحرمين الشريفين لزيارتها. إن رغبة موسكو في العمل مع الرياض في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، تؤكد من جديد أن القوى العظمى لا يمكنها تجاوز الرياض، بل وتسعى للتحالف معها، وتأتي دعوة خادم الحرمين الشريفين لروسيا لتأكيد أن موسكووالرياض تعملان بشكل وثيق فى مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب، وأن البلدين لديهما رؤية متشابهة للمشاكل والتحديات الموجودة فى المنطقة والعالم، ويسعيان للتسوية السلمية فى سورية على أساس بيان جنيف وقرار رقم 2254 للأمم المتحدة. الملك سلمان بن عبدالعزيز سيطرح في قمته مع بوتين كل ملفات المنطقة؛ وأبرزها الملف السوري والقضية اليمنية على أساس القرار الأممي 2216، وإنشاء دولة فلسطينية فى حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. التقارب السعودي الروسي الذي سعت إليه موسكو وتوجته بالقمة السعودية الروسية المرتقبة في العاصمة الروسية سيقود إلى تعاون مشترك في مختلف المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والنفطية وخاصة في قطاع الطاقة، إضافة لإحياء صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، وصندوق الاستثمار السعودي بنحو 25 مشروعا في قطاعات إنتاج السلع الاستهلاكية، والزراعة، والعقارات، والبنية التحتية، وقطاع النفط والغاز، بعد أن وقعا في 2015 اتفاقية استثمار بنحو 10 مليارات دولار.